سقوط دويلة داعش في الموصل بأيدي أبطال الجيش العراقي والحشد الشعبي يعتبر حدثا تاريخيا مهما في العراق والمنطقة ، فهو من ناحية مؤشر لاستعادة الدولة العراقية عافيتها، واستعادة المجتمع العراقي لهويته الجامعة التي حاول الاحتلال الأمريكي ضربها وتدميرها واستبدالها بالمشروع الطائفي الفتنوي المدمر .
تحرير الموصل ثالث مدن العراق وسقوط دويلة داعش يعد سقوطا ماديا ومعنويا وسياسيا لاهم توجهات وخطط تلك الأطراف الداخلية والاقليمية والقوى الأجنبية التي تبنت داعش ودعمتها وفي مقدمتها امريكا وبريطانيا وتركيا والسعودية وقطر والكيان الصهيوني الخ .
بالمقابل يمثل انتصار العراق على المشروع الداعشي التكفيري الوهابي انتصارا للمحورالمقاوم ( إيران - سورية - حزب الله لبنان - انصارالله في اليمن ) ، هذا المحور الذي يتصدى للمشروع ويقدم التضحيات الغالية ، ويعمل بثبات وعزم لإفشال وهزيمة المخطط الذي يستهدف المنطقة بالفتن والحروب ويعمل على تقسيمها واحتلالها والسيطرة على ثرواتها، والتمكين للكيان الصهيوني من السيطرة النهائية على فلسطين ودفن القضية .
سقوط داعش في الموصل يمثل ضربة معنوية ومادية موجعة لذلك التنظيم الإرهابي ومن يؤيدونه أو يتعاطفون معه بعناوين طائفية مذهبية العراق والمنطقة والعالم .
سقوط داعش وتحرير الموصل يمثل سقوطا لأهم ركائز مشروع التفتيت الطائفي الأمريكي الصهيوني السعودي الوهابي في العراق وسورية واليمن والمنطقة .
ثلاث سنوات منذ احتلال الموصل بتلك الطريقة الهزلية التي كشفت جانب المؤامرة الإقليمية والدولية الاستعمارية على العراق ، كانت كافية للحكم على طبيعة مشروع داعش الوهابي ومفهومه للخلافة المنسوبة للإسلام ، ثلاث سنوات من احتلال داعش للموصل بالحديد والنار أوضحت بجلاء طبيعة المشروع الذي لا يمت للإسلام وأيا من مفاهيمه كالعدل والرحمة والمساواة والأخلاق بصلة ، كما لا يمت للإنسانية بأي صورة من صور التحضر .
داعش الوهابية في صورتها الأمريكية جلبت العار للمسلمين ، وشوهت الإسلام في ضمائر أبنائه كما في عيون غير المسلمين ..بذلك حققت داعش واحدا من أهم أهداف امريكا والقوى الصهيونية في الإساءة للإسلام وتبرير الحرب عليه ، وشرعنت التدخلات الأجنبية العسكرية والسياسية والأمنية والإعلامية في شؤون بلداننا ومجتمعاتنا . ثلاث سنوات من احتلال داعش للموصل وغيرها من المناطق كانت مأساة انسانية خالصة عاشها ابناء تلك المناطق ولم يصلنا من فظائعها الا ما ندر .
كان يحلو للاعلام الغربي وتوابعه الخليجية كالجزيرة والعربية نعت تنظيم داعش الارهابي بتنظيم الدولة الاسلامية لكي يرسخ هذا الاعلام هذه الحالة الشاذة لدى الرأي العام العربي والاسلامية الذي لا يزال يحن إلى دولة الخلافة الإسلامية ، ولكي يفرض التوصيف المقترن بالاسلام وكأنه تعبير عن حالة سياسية عربية إسلامية ذات مشروعية .
تنظيم داعش الإرهابي الوهابي كان أوضح تجليات الفكر التكفيري الوهابي ، عناصر التنظيم خليط محلي عراقي وعربي واسلامي واوربي وامريكي ، غالبيتهم هم امتداد وجزء من منتسبي تنظيم القاعدة الذي تم استبداله بداعش ليناسب طبيعة الدور الموكل اليه في المنطقة ففي سورية يتم وصفهم بالثوار ، وفي اليمن يوصفون بجيش الشرعية الخ .
السعودية دفعت إلى العراق وسورية بغلاة التكفيريين الوهابيين ومدمني المخدرات والاجرام ونزلاء السجون السعوديين ، ومثل ذلك تم في العراق من قبل بعض أركان النظام المحسوبين على تركيا وأمريكا الذين قدموا الغطاء لعمليات الإرهاب الواسعة في بغداد وبقية المدن العراقية وسهلوا هروب آلاف المجرمين والإرهابيين من السجون العراقية قبل سقوط الموصل تحديدا .
أعضاء داعش من خارج البلدان العربية جرى تجميعهم وإعادة تكوينهم عبر أجهزة المخابرات الأمريكية والأوربية والتركية وتم الدفع بهم إلى العراق وسورية عبر تركيا وغيرها ،
ودائما كان التبني الديني والإعلامي والممول لداعش والتنظيمات الارهابية الاخرى قطريا أو سعوديا أو خليجيا. .أما المحرك لداعش وأخواتها والمستفيد من جرائمها فكانت المخابرات الأمريكية والأوربية والصهيونية .
تطوى صفحة داعش الارهابية في الموصل بعد ان مارست خلال سنينها السوداء أبشع صنوف الإجرام والعنف الطائفي والمذهبي والديني والعرقي ، والتدمير الممنهج للحضارة ورموزها التي لا سابقة لهمجيتهاوتوحشها في التاريخ العربي والانساني .
سقطت داعش كأداة تنفيذيةللمشروع الاستعماري الأمريكي الجديد للمنطقة ، لكنها تظل تهديدا إرهابيا قابلا للاستثمار من قبل الأمريكان وعملائهم في العراق والمنطقة .