تزامناً مع ثورة الإمام زيد -عليه السلام- يخوضُ أبناءُ اليمن للعامِ الثامن توالياً حرباً في مواجهةِ طغاة العصر الذين يتوارثون ثقافة طغيانهم وعربدتهم جيلاً بعد جيل من أسلافهم وقدواتهم على مر الأزمنة وإن اختلفت الألقاب والمسميات والذرائع الذين يتبجحون بها مع كُـلّ جريمة يقومون بها.
ها هو الإمامُ الأعظمُ زيد بن علي -عليهما سلامُ الله وتحياتُه وعظيمُ بركاته- نعيشُ اليوم ذكرى استشهاده التي كانت ختام مسك ونهايةً لمسيرة حياة جهادية، إذ لم يُعِن ظالماً ولم ينصرف عن مظلوم، كان هدفه مواصلة الطريق الصحيح وإحياء ما أماته التعنُّت والبدع.
هجمة أموية شرسة استهدفت الأُمَّــة في دينها وعقائدها وهُــوِيَّتها الإيمَانية مع تراكم مخلفات ولاة الجور الذين أحكموا قبضتَهم على كُـلّ مفاصل الحياة، صاحبه سكوتٌ مهولٌ من الأُمَّــة وخنوع أوصلها إلى أن تعيش الإذلال والركوع لولاة السكر والعهر والمجون.
لكن الإمام زيداً إمام البصيرة والجهاد رفض هذه الممارسات وواجه بكُلِّ عزيمة وإيمَان جبروتَ هشام بن عبد الملك بن مروان وطغيانه صارخاً في وجهه: (يا هشامُ وَالله لن تراني إلَّا حَيثُ تكره)
وتزامنت شعاراتُه مع تحَرُّكه الجهادي والتوعوي لهدي الأُمَّــة وإخراجها من الظلمات الأموية إلى النور المحمدي.
تحَرّك -سلام الله عليه- بالبصيرة والوعي قبل التحَرّك العسكري.
البصيرةَ البصيرةَ ثم الجهاد.
ما كره قومٌ حَرَّ السيوف إلَّا ذلّوا.
شعاراتٌ جعلت من ثورته كابوساً يؤرّق طغيان بني أمية ويقُضُّ مضاجعَهم وقصور إمارتهم ودهاليز عربدتهم وجاهرهم بالتمرد على حكمهم وأعلن عليهم الجهاد المقدس، حاشراً هشام إلى قوقعة آبائه وأجداده الطلقاء مَن يُكِنُّون العداء لرسول الله وآل بيته حقداً أموياً خبيثاً تستقيه فروعُ هذه الشجرة الخبيثة والملعونة.
وبما أن الحق لا بد أن يقدم تضحيات فقد قدم الإمام زيد وأصحابه دروساً إيمَانية جهادية حقة واستُشهد -سلام الله عليه- موصياً ابنه يحيى بمواصلة التحَرّك والصدع بالحق في مواجهة الطغيان أياً كان مصدره وممكنه فهو الذي يجب أن يقتحم الضلال والمظلين إلى أوكارهم لا أن ينتظر إلى أن يداهمه الخطر المحدق به والمهدّد للأُمَّـة كيانها وعقيدتها وإيمَانها.
وامتداداً للصرّاع المحتدم والمُستمرّ بين الحق والباطل منذُ أن خلق الله الكون وأوجد عليها البشرية، كان لزاماً على الشعب اليمني من يستمد ثورتَه من أئمة وأعلام آل البيت -عليهم السلام- وأن يواجه العدوان السعوديّ الأمريكي لثمانية أعوام بصبر قوي وتَحَدٍّ إيمَاني وهمة عالية تحمَّل خلالها الجيش واللجان الشعبيّة “المجاهدون” ومن أمامهم قيادة الثورة ممثلة بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وكلّ شرفاء اليمن، تحملوا واجب ومسؤولية رفع الظلم عن كاهل الشعب، وقدموا دروساً في مواجهة الطغيان السعوديّ الأمريكي وأذنابهم وأحذيتهم واستطاعوا بعون الله وتأسياً بثورة الإمام زيد مجاراة العدوّ وهزيمته في مختلف الجبهات حتى وصل إلى قناعة أن عدوانه لن يجدي نفعاً، مَا اضطره إلى إعلان هُدنة عنونها بالعنوان الإنساني وما هو إلَّا هروب من إعلان هزيمة مدوية وسيأتي اليوم الذي سيذعن فيه ويعلنها بفضل الله ثم بفضل المجاهدين والقيادة الثورية والسياسية والعسكرية.
ومن ثورة زيد إلى ثورة اليمن وجهادِهم المقدس إن استمر العدوانُ في غيه وعربدته فلن يرانا إلَّا حَيثُ يكره، فهي ثورةٌ ممتدة من ثورة الجهاد والبصيرة، وإن لم يجنح العدوّ للسلام ويوقف عدوانه ويرفع حصاره ويستغل الهُدنة للعمل الجاد لوقف نهائي للعدوان ستدور على الباغي الدوائر.