أين الحرية لأمة متفرقة؟ أليس ذلك يؤدي إلى استعباد هذه الأمة؟ لأننا نجد في المقابل أن أولئك الذين ينطلقون نحونا ليستعبدونا ويستذلونا، أليسوا هم يتوحدون على أرقى ما يمكن فيه التوحد فيما بينهم في مواجهتنا؟ يتوحدون في مواجهتنا، وينطلقون جيوشًا من مختلف البلدان تحت قيادة واحدة لضابط أمريكي، وتوجيهات واحدة تصدر من تحته، ففي إطار هذه القضية الواحدة يتوحدون فيما بينهم، ونحن نتفرق ونصبغ تفرقنا بأنه هو الحرية الفكرية، ثم نقول في الأخير [اختلاف أمتي رحمة]. تجلّت الرحمة الآن، ألسنا مختلفين؟ ها هي الرحمة لكبارنا والرحمة لأفراد شعوبنا!! تتحول إلى جنود لأمريكا وإسرائيل هذه هي رحمة، نصبح تحت رحمة اليهود والنصارى، هل هذه هي الرحمة؟!
نعم اختلاف أمتي تجعلنا تحت رحمة اليهود والنصارى، هي رحمة تجعلنا تحت رحمتهم، هل رسول الله يريد لنا هكذا؟! لا، الله لا يريد لنا هذا، رسوله لا يريد لنا هذا. {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29)، من الذي يعطي الجزية الآن عن يد وظهر وبطن وهم صاغرون؟ المسلمون والاّ أهل الكتاب؟ نحن نأتي نعطيهم بترولنا من الباطن، ونعطيهم عقولنا وقلوبنا في الظاهر، ونقدم أنفسنا بين أيديهم في الظاهر، أموالنا تسير إلى جيوبهم من باطن الأرض وظاهرها، وألسنتنا تخدمهم، وأقدامنا تتحرك في خدمتهم ونحن مع ذلك صاغرون تحت أقدامهم، هل هذه هي الرحمة؟
فما الذي جعلنا هكذا؟ أن الأمة لم تعتصم بحبل الله جميعًا، ولم تكن أمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فتكون مفلحة، وأنهم تفرقوا واختلفوا من بعدما جاءهم البينات، وأولئك لهم عذاب عظيم.
يدل على خطورة التفرق والاختلاف، وأنه في حد ذاته جريمة، هو في حد ذاته جريمة؛ لأنه توعد عليه بخصوصه بالعذاب العظيم، {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (آل عمران:105) أي متى كنتم مثل أولئك المتفرقين والمختلفين من بعدما تأتيكم البينات فماذا؟ فسيكون لكم عذاب عظيم كما كان لهم.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
سلسلة دروس سورة أل عمران الدرس الثالث
(ولْتَكُنْ مِنْكُم أمَّة)
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 11/1/2002م
اليمن – صعدة