أربعةٌ وخمسون شهيداً سقطوا يوم جمعة الكرامة لم يتساءل عن قاتلهم أحد، حتى ثوار ساحة الجامعة تغافلوا عن هذا الأمر، رغم أن هناك من أعلن عن القبض على بعض القناصة.. ربما إن الثوار لم يكونوا يريدون أن ينصدموا بالحقيقة، لذلك فضلوا السكوت وترك الأمور تمر بهدوء.. رغم أن القتلة معروفون وصورهم موجودة على موقع اليوتيوب، وتم إيداعهم سجن الفرقة الأولى مدرع، ثم لم يسمع عنهم أحدٌ شيئاً.
في أغسطس 2012، أخرجوا من الفرقة الأولى مدرع سيارة نقل كبيرة تحمل ثلاث عشرة جثةً تم رصُّها على سيارة النقل بشكل مهين.
ذهبوا بتلك الجثث إلى شارع الستين في آخر جمعة من رمضان للصلاة عليها ودفنها بشكل سريع كما لو أنهم يريدون أن يريحوا ضمائرهم بأقصى سرعة، فلم يكن لديهم الوقت الكافي لنشر إعلان في الصحف عن أسماء هذه الجثث أو إبلاغ ذويهم بالمجيء لاستلامهم، بحجة أنهم مجهولون!...
كان حرياً بهم نشر صورهم ليتعرف عليهم أهلهم ويأتوا لاستلامهم، لكن ربما تم طمس ملامحهم ليتم طمس الجريمة التي دائماً تقيَّد ضد مجهول، مع أن الجاني واضحٌ كالشمس.
تماماً كما حدث في المذبحة التي وقعت أمام بنك الدم.. تلك الجريمةُ التي جعلت الإسفلت متشبعاً بالدماء، ومليئاً بالفصائلِ النادرة التي لا تتوفر في البنك الذي سفكت على بابه كل تلك الدماء.
يومها انطلقت فتاوى وتغريدات بأن من ساقهم إلى تلك المحرقة هو الذي يتحمل وزر دمائهم.. لكنهم كانوا يرون توكل كرمان واحداً من أركان الثورة.
بدأت ثورة الشباب بمطالبَ مشروعة، ثم دخلت البزات العسكرية واللحى لسرقة هذه الثورة والتضحية بشباب الثورة وجعلهم وقوداً لهذه الثورة التي اختطفها علي محسن والزنداني.
هلَّل الشباب بانضمام علي محسن وفرقته الأولى مدرع إلى صفوف هذه الثورة، رغم أنه كان واحداً ممن قامت ضدهم، وسموه رئيس الهيئة العليا لقيادة أنصار الثورة الشبابية الشعبية السلمية.. كانت ثورة الشباب هي القشة التي تعلَّق بها علي محسن كي لا يدركه الغرق، وهي سفينة النجاة في حال سقط النظام بالفعل.. وكان شعار الشباب يومها: “حيا بهم حيا بهم”.
* نقلا عن : لا ميديا