عبدالعزيز البغدادي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالعزيز البغدادي
تشكُّل الدول بين إرادة الشعوب وأمزجة الحكام
هل اليمن بيتنا؟
ثقافة السلام.. حاجة أم ضرورة؟
حربٌ على الإرهاب أم تلاعبٌ بالعقول؟!
في طريق بناء الدولة المدنية
العدالة والأمن.. حق المواطن ومسؤولية السلطة
معرفة الحقيقة مفتاح العدالة الانتقالية
فتح الطرق وإنهاء الانقسام مسؤولية مَنْ؟
الإنسان بين الضآلة والجبروت!
الخطوة الأولى نحو تحقيق السلام والمصالحة الوطنية

بحث

  
مكافحة الفساد من أين وكيف تبدأ؟
بقلم/ عبدالعزيز البغدادي
نشر منذ: سنة و 11 شهراً و 10 أيام
الأربعاء 14 ديسمبر-كانون الأول 2022 09:53 م


قد لا يستوعب البعض خطورة وآثار بقاء صلاحيات مؤسسات سلطات الدولة من أعلاها إلى أدناها مفتوحة ومطلقة حسب الموروث السيئ الذي نتوارثه والذي تتجسد أبرز مظاهره في ممارسات بعض من ورثوا سلطات الحاكم الفرد معتقدين أن هذا الموقع يخول لمن يصل إليه التدخل في كل شيء يدعمه لقب صاحب الفخامة ، لهذا كان الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي محقاً حين بدأ حياته السياسية في هذا الموقع بإنزال الصور من على رؤوس الموظفين في المكاتب واستبدلها بعبارة (الله جل جلاله) ليس للادعاء أنه يمثل الدين وإنما لتذكير نفسه والعاملين في السلطة بأنهم خدام للشعب وليسوا حكاماً عليه ولكي يشعر الشعب أن السلطة ملكه وليست ملك من يتولاها ، وكأن الشهيد الحمدي بذلك قد استشعر بأن مشروعه الوطني سوف لن يدوم كثيرا في حساب الزمن ، ولكنه سيخلد بأعماله مهما كانت الخيانات ومحاولات طمس ذكراه العطرة ، وأياً كانت خلفيات من قفزوا إلى السلطة بعده من الخونة عديمي الضمير ، أو من ناقصي المعرفة والخبرة في الحياة السياسية والإدارية فالقاسم المشترك بينهم استباحتهم هذا الموقع وكل المواقع العليا دون تدرج وعلى حين غفلة من الزمن وإمكانياتهم الباهتة التي لا تعتمد سوى على العنف لذلك لم يتمكنوا من ردم الهوة بين ذواتهم والموقع الذي وصلوا إليه، ولكنهم فقط توارثوا من خلاله مرض الاستبداد والتسلط ناهيك عما تضيفه الطبائع الشخصية للورثة، وعلى سبيل المثال فقد امتدت صلاحيات الرئيس وفق ذلك إلى حد تدخله المباشر في تعيين أشخاص في درجات وظيفية أدنى من المدير العام ، إلى أن أصبح هذا السلوك محل تندر شعبي عبرت عنه ذات يوم نكتة تقول : أن أحد رؤساء الوزراء يرحمه الله في زيارة لوالدته في القرية خاطبها بقوله : أنقل إليك تحيات الرئيس القائد، هذه الآلية والهيمنة الكاملة للرئيس على النظام السياسي والتنفيذي والإداري في هذا البلد المحكوم بالعشوائية كافية للبرهنة على فشله ويمكننا التأكد من ذلك من خلال ما نشهده ونعايشه ونعانيه من آثار ممارسات جزء كبير منها ونقول جزء كي لا نقع في مصيدة الأحكام المطلقة أخت الصلاحيات المطلقة ونبقى حبيسي رمي كل أخطائنا على الماضي أو على غيرنا فمن يتولى السلطة أي سلطة عليه فقط أن يعمل ما في وسعه وأن يترك للتاريخ وللمؤرخين واجب التقييم إذ أن من غير الجائز على أي حال وفي أي قضية أن يكون من حق من يمارس السلطة أن يكون خصما وحكما في نفس الوقت وأن يجند وسائل الإعلام الرسمية للحديث عن منجزاته مقابل ما ينفق عليها من خزينة الدولة، وبالمناسبة إمكانيات أجهزة الإعلام شحيحة ولكنني أتحدث عن محاولة استغلالها من بعض المستبدين وكأنهم ينفقون عليها من مالهم الخاص، وهذا ضرب من ضروب الفساد والتبجح ومن المؤسف أن بعض الهيئات والمؤسسات أصبحت تركز كثيرا على تخصيص جزء من ميزانيتها على تجنيد أدوات النفاق للحديث عن منجزاتها وتنسب ما يقوم به جنود مجهولون مضطهدون في تلك الهيئات والمؤسسات لعبقرية رؤسائها.

ومن الضروري عدم استمرار التلاعب بالتاريخ لأن ذلك لا يمكننا من الاستفادة من إيجابيات الماضي وتجاوز أخطائه وسلبياته والاعتماد على الإعلام الموجه في ستر عيوب الحكام ومحاولة تغطية أخطائهم وخطاياهم بغربال الكذب والتضليل فهذا هو أكبر العيوب، وتركيز السلطة في يد المسؤول الأول هو أكثر الأخطاء فداحة ومن أكثر السلبيات التي ما تزال تهيمن على حياتنا السياسية بل والدينية والأخلاقية وكل تفاصيل حياتنا ما بالنا إن كان عديم الكفاءة فالمسؤول الأول في أي مؤسسة حكومية أو بالأحرى في أي جهة يتصرف في الجهة التي يرأسها تصرف الملاّك لأننا ما زلنا بعيدين عن نظام دولة المؤسسات بما ورثناه من صلاحيات مطلقة سرعان ما يسبغ على الجهة التي يعين بها صبغته الشخصية في الأشهر بل وأحيانا في الأيام الأولى لتعيينه ضاربا عرض الحائط بمبدأ تراكم الخبرات وما يؤدي إليه من استفادة من إيجابيات من سبق وتحاشي عثراته وسلبياته وهكذا نبقى حبيسي التسلط ، ورهن إشارة الفرد المتسلط ندور حيث يدور في حلقة مفرغة، تطحننا دوامة الصراع على السلطة التي يعاني منها كل أبناء الشعب وبخاصة من تمسهم هذه السياسات مباشرة، وهم الأغلبية بمن فيهم المتسلطون الذين لا اعتقد أنهم يستفيدون كثيرا من سلوكهم الاستبدادي فمرض التسلط يدفع بهم وبالمجتمع على أيديهم إلى الهاوية، فهل ندرك خطورة هذا السلوك؟

إذاً فالتجارب لمن يريد الاستفادة منها تؤكد أن البداية الجادة لمكافحة ومحاربة الفساد وضبط سلوك الموظف العام ومنهم الرؤساء إنما تكون بحسن اختيار المسؤولين وتحديد صلاحياتهم وكذا رئيس الوزراء والوزراء وكل موظفي الدولة بدقة وإلزامهم بالتقيد بها وعدم تعدي المسؤول الأعلى على صلاحيات الأدنى والتأكد بأن توزيع الصلاحيات والاختصاصات يترتب عليها مسؤوليات تكبر وتصغر بحجم موقع صاحبها في السلطة أي أن المواقع العليا ليست مزايا شخصية، واحترام مبدأ سيادة القانون وتحديد الصلاحيات معناه التوازن بين السلطة والمسؤولية وأن: (الصلاحيات المطلقة مفسدة مطلقة ) والسلام.

نحطمُ للشعب أحلامه * وندعوه بالفارس المعتبر

 

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
عبدالملك سام
المطلوب وقفة جادة
عبدالملك سام
يحيى المحطوري
مقارنةٌ بسيطة
يحيى المحطوري
د.حمود عبدالله الأهنومي
كلفةُ ترك الجهاد أكبرُ وخسائرُه أعظم
د.حمود عبدالله الأهنومي
مجاهد الصريمي
قطرة من بحر العطاء
مجاهد الصريمي
شارل أبي نادر
هل بدأت الهجرة الصهيونية العكسية من فلسطين المحتلة؟
شارل أبي نادر
مرتضى الجرموزي
شهداؤنا أحياءٌ عند الله
مرتضى الجرموزي
المزيد