من حالة الحرب المفتوحة، إلى الهدنة المؤقتة، ثم إلى حالة اللا حرب واللا سلم، ذلك هو مطمع العدو ومرامه. وأحسن الاحتمالات لديه أن ينسل من جريمة ما اقترفه من عدوان وحصار دون عقاب. وإن كان ثمة نوايا تصعيد جديدة للعدو في المرحلة القادمة، فذلك لن يكون عليه بالأمر الهين، ففي كلتا الحالتين، الهروب من العقاب، أو العودة إلى التصعيد، سوف يدفع فيه العدو الثمن لا محالة. وهو يعي ويعلم جيداً أن كلفة الهروب من العقاب كبيرة جداً، وكلفة التصعيد أكبر منها وأشد ضرراً عليه؛ فإما أن يقر بما ارتكبه من جريمة عدوان غاشم، وجريرة حصار ظالم، وإلا جاءه من القوة والردع ما يرضخه للحق.
فحالة اللا حرب واللا سلم هي حالة مرفوضة تماماً، ولن تدوم طويلاً. وأي إجراء من قِبل العدو سيكون من شأنه مضاعفة معاناة الشعب اليمني على كل المستويات، وخاصة على المستوى الاقتصادي، وحتى الإنساني، فسوف يكون الرد عليه عسكرياً، عاقبته أكثر من وخيمة وأكثر من مؤلمة، فقد ضبط الجميع ساعاتهم بتوقيت صنعاء، واتجهت أنظارهم نحو العاصمة، ناظرة اللحظة المناسبة والحاسمة، بعد أن أسمعت صنعاء قوى العدوان القول الفصل وليس بالهزل، بألا قبول بأية نقاشات أو اتصالات صفرية.
وكلما استمـــر العـــدو فــي المراوغـــة السياسيـــة، راميـــاً بذلك إيجاد مساحة زمنية كافية لتمديد النقاشات السياسية غير المجدية، والاتصالات الصفرية، لكسب بعضٍ من الوقت، إنما هو يقرب ساعة الصفر، فالتوقيت أصبح دقيقاً جداً، وأصبحت المرحلة أكثر حساسية من أي وقت مضى، فالعين باتت على الجزر والموانئ والممرات اليمنية.
وليعلم الأمريكي أيضاً، وهو أساس كل المشاكل والعقد، ألا إملاءات خارجية، ولا تمريرات، فزمن الإملاءات ولى واندثر، وما عليهم من الآن وصاعداً إلا أن يتحسسوا رؤوسهم، فالقادم أقوى وأشد وأنكى عليهم بقوة الله وتأييد، وإلى أن يحين التوقيت المناسب، فلا تزال الأبواب مفتوحة أمام متطلبات السلام، بتجسيد ذلك في الواقع العملي، بداية من صرف مرتبات كل موظفي الدولة، إلى فتح المطارات والموانئ اليمنية جميعها، ورفع القيود عن الواردات، وعلى رأسها المشتقات النفطية، والمواد الغذائية والدواء، عبر جميع الموانئ والمطارات، وفي مقدمها ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي، وفصل الملف الإنساني تماماً عما سواه من الملفات، فتلك فرصة أخيرة، وفوات الفرصة غصة.
* نقلا عن : لا ميديا