مثمناً جهودَ الأشقاء في سلطنة عمان، أعادَ رئيسُ الجمهورية وضعَ نقاط المطالب الإنسانية والاقتصادية المشروعة على حروف السلام باعتبارها المعنى الصحيح لهذه المفردة والخطوة الأولى نحو تجسيدها عملياً.
وما جاءَ به الرئيس المشّاط، بعين العقل والعدل والمنطق ينمُ عن رغبةٍ حقيقيةٍ لصنعاءَ في تحقيق السلام العادل والمشرف الذي يحقق الاستقرار والرخاء لأبناء اليمن والمنطقة بصورة عامة.
فالسلامُ المنشود لا يمكن تحقيقه فيما الغالبية العظمى من الشعب تحتَ العدوانِ والحصار بلا رواتب وبلا مطارات وبلا موانئ فيما ثرواتهم تصادر وتذهب أمام أعينهم إلى غير مستحقيها.
والسلام الحقيقي لا يمكن التأسيس له على مداميك المظلومية وعلى أنقاض العدالة والانتقاص المتعمد للإنسان وحقه في الحياة، بل إنَّ البناء على هذا الواقع هو استسلامٌ كامل المعنى، وهذا مفهوم مغاير لواقع الشعب اليمني اليوم الذي غادر مربعات الاستضعاف وانتقل إلى مشارف العزة والكرامة بشلالات من الدم وبقوافل من التضحيات.
ثم إن المطالب التي تجدّد القيادة وضعها على طاولة الوسطاء بطبيعتها ومقرراتها غير عالية في سقفها لتخضع لمحاولات التفاوض و المساومة، كما أنَّها ليست مطالب طرفية يمكن للرئيس والقيادة أن تقدم تنازلات حولها دون أن ينعكس ذلك سلباً على مطالب الشعب وينال من حقوقه، وهي القيادة التي انحازت للشعب وانتصرت لمظلوميته وتبنت قضيته واحتضنت تطلعاته.
غير أن المنظومة الأممية التي يفترض أن تنحاز للإنسان وقضاياه العادلة تُمعن في تغييب وظائفها تحت تأثيرات الهيمنة والأطماع، وترى في كل المقررات الإنسانية المشروعة للشعوب مساحة للابتزاز والضغط وتمرير المشاريع والمخططات.
وإذا كانت الهدنة مطلباً ملحاً لتحالف العدوان وصانعي القرار الدولي في هذه المرحلة فإن صرف مرتبات كافة موظفي الدولة من ثروات اليمن النفطية والغازية وفتح جميع المطارات والموانئ، مطلبٌ أكثر إلحاحاً للشعب المعتدى عليه والمحاصر منذ ٨ سنوات، ونواميس الإنسانية وإن لم تنتصر للإنسان في كلّ الحالات سلماً أو حرباً فإن الدفاع عن هذه الاستحقاقات بكافة الخيارات المتاحة يمثل طريقاً وحيداً في متناول شعبنا، ولا مجال للتراجع عنه بعد أن تراكمت حالة الصبر وتجاوزت سقوفها، وبعد أن لمس شعبنا فضائل القوة ومخرجات الصمود وعزز مفاعيلها، وهي اللغة التي لا يمكن للعدو أن يتجاهلها، باعتبارها الأكثر علواً في عالم اليوم، والأكثر صدقاً في انتزاع الحقوق.