لا يزال وسيبقى السلام مرهوناً بصرف مرتبات كافة موظفي الدولة دون تجزئة أو مماطلة. ما قاله رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، خلال لقائه بالوفد العُماني الذي نقل عروضاً سعودية أمريكية، يؤكد أن مهمة الوفد لن يكتب لها النجاح، وأن مساعي إقناع صنعاء بالسماح بعودة تصدير النفط الخام دون ربط عائداتها المالية بصرف المرتبات غير ممكنة.
فأي سلام هذا الذي يتجاهل حق موظفي الدولة في استعادة مصادر عيش أطفالهم المسلوبة منذ سنوات، ويؤيد استمرار العقاب الجماعي المفروض على هذه الشريحة الهامة؟!
قضية المرتبات ليست سياسية ولا عسكرية ولا أمنية، بل قضية أخلاقية وإنسانية ودينية ووطنية؛ كون موظفي الدولة الذين يتعرضون لسياسة تجويع غير مبررة موظفي الجمهورية اليمنية وفقاً لكشوفات العام 2014، أي قبل وصول حركة أنصار الله إلى صنعاء.
المرتبات حق أصيل من حقوق الموظف، وليست منة من أحد. في مختلف دول العالم التي عانت من حروب تم تحييد البنوك واستمر صرف المرتبات دون توقف، باستثناء اليمن. إذا كان مطلب صرف المرتبات يتم التعامل معه بهذا الصلف والتضليل والشيطنة فكيف سيتم التعامل مع الملفات الأخرى التي هي أكثر تعقيداً، من مطالب إنسانية حقوقية تتمثل بصرف مرتبات الموظفين السابقين الذين لا علاقة لهم بالحرب والصراع؟!
حتى الآن، هذا الملف يعد أسهل الملفات التي يمكن التعاطي معها بمسؤولية أخلاقية بعيداً عن التسييس والتوظيف الخاطئ. والتعاطي الإيجابي مع هذه المطالب الحقوقية التي تحولت إلى قضية إنسانية، لارتباط حياة عشرات الآلاف من الأسر اليمنية بها، يندرج في إطار خطوات بناء الثقة، وقد يفتح آفاقاً جديدة لحدوث اختراق في ملفات أخرى ذات طابع عسكري وسياسي واقتصادي، وقد يقود الأطراف إلى التوجه نحو حلحلة ملفات اقتصادية لها تأثير على الاقتصاد الوطني وعلى حياة اليمنيين، كالانقسام المالي والنقدي وصولاً إلى تحييد الاقتصاد عن الصراع. لذلك أي خطوات سلام تتجاوز حقوق موظفي الدولة ستدفع باليمن نحو المزيد من الجوع والبؤس، ولن يكتب لها النجاح.
* نقلا عن : لا ميديا