منذ عام بالتحديد كانت عمليات «إعصار اليمن» الثلاث باتجاه العمق الإماراتي (كانون الثاني/ يناير)، ولحقتها عمليات كسر الحصار بعد ذلك بأشهر ثلاثة باتجاه العمق السعودي، لتشكل في مجموعهما صدمة رد يمنيةٍ استراتيجية لدول العدوان. وما هي إلا أيام ونزل المجرمان «مبس» و»مبز» من أعلى شجرة دم الأخوين طمعاً في أرباح أوكرانيا، وخوفاً من نباح كلاب الحراسة في قصور اليمامة والنعامة.
وبدا خاتم الهدنة لامعاً وهو ينتقل من إصبع هانس غرودنبرغ إلى إصبع تيم ليندركينغ، قبل أن يصدأ سريعاً تحت جُبة ابن العاص بن وائل!
انتهى العمر الافتراضي للخدعة، ولُدغ المؤمنون من جُحر الهدنة تسعة أشهر وأيام طالت على اليمنيين، واستطالت وساطاتٍ تهبط من مسقط ولا تغبط صنعاء.
خيوط اللعبة التي تكشفت تباعاً، وأمسكت صنعاءُ بأطرافها اليوم، تضعنا -كما يفترض علي ظافر- أمام عدة فرضيات:
- التوصل إلى تمديد الهدنة مع تحسين شروطها، بصرف المرتبات، وتعدد وجهات الرحلات التجارية، وزيادة عدد السفن النفطية إلى ميناء الحديدة، وربما حدوث تقدم ما في ملف الأسرى.
- استمرار المماطلة والتلاعب بالوقت، وبالتالي إقدام صنعاء على فرض معادلات جديدة، إلى جانب معادلة حماية الثروة.
- المراوحة بين التهدئة والعمليات العسكرية.
- محاولة السعودية الانسحاب من المشهد اليمني عسكرياً، مع الرهان على واقع سياسي وجغرافي مفخخ، وبروز دعوات الانفصال والحشد والحشد المضاد، وتأليب الرأي العام في الداخل اليمني على صنعاء.
وتجاه هكذا افتراضات قابلة للزيادة غير مرشحةٍ للنقصان تبقى «العصا الغليظة» -كما يسميها إبراهيم الأمين- هي طوق النجاة أمام كل هذا الصلف والخرف والجرم والعدوان.
«العصا الغليظة» هي «السلاح الذي يفترض به تشكيل تهديد فعلي لكل مصالح الغرب وكل عناصر التفوق لدى عملائه في المنطقة. ورغم أن لهذا الخيار عواقبه وأثمانه الكبيرة، لكنه خيار الضرورة بعدما قرر الغرب السير في الصراع، بموافقة ومشاركة عربه وأنصاره في الإقليم، ولم يترك لنا من خيار سوى أن نقابله بالنار التي تحرق كل شيء. وفي هذا الخيار، ليس دعوة إلى الانتحار، بل دعوة إلى ضربة غليظة تكسر الطوق حيث لا يجرؤ الآخرون!».
بالفعل يا إبراهيم، هذا الخيار ليس دعوة إلى الانتحار، بل هو دعوة إلى الإعصار مجدداً. وصدق الحمداني حين هتف: «إذا مت ظمآنا فلا نزل القطرُ»!
* نقلا عن : لا ميديا