مِنْ أيِّ جرحٍ يامدينةُ غائرٍ يلِجُ الغريبُ لأمسه المسبيِّ، للزمنِ المُشرَّد فيك،تناهبَتْه الريحُ والعجلاتُ..؟!
ذاك أنا الشريدُ،وهذه الأسوارُ ليست أنتِ..ليست أنتِ، فانعتقي لأَدخُلَ في جراحك
أو لأَخرُجَ مِن جراحي
***
طفلٌ غفا متوسداً حلماً، أفاق ولم يجد قَدَميه،
قلبي يا مدينةُ..
مِزهرٌ غنَّاكَ..
مشنوقاً-على أوتار نَشوته
تَدلَّى عند مفترقِ الخناجرِ،
لم يَسَعْه هواك،
قلبي يا مدينةُ..
"مَشقرٌ"ضَمَّتْه عاشقةٌ لنهديها، تَضَوَّعَ نهدتين..
وذاتَ عاصفةٍ
تشظَّى في الرِّياحِ
***
لم يَبقَ إلا الشوك..
لا ورقٌ لوَردِك يامدينةُ بعد قلبي..
والمسدسُ كان سُوْرَ حديقتي العزلاءِ، لا وطناً بديلاً للزُّهورِ
وكنتُ عطري،كنتِ عطري.
لم أخُنْ عينيك،
لكنَّ الذين تسَوَّرُوا الأهدابَ
خانوها،فآوَتْهُم..
وشرَّدني صَبَاحي
***
مَنْ عتَّقَ الحَوَرَ المُرَوِّعَ في كؤوس الليل؟!
مَنْ دَلَّى النجومَ على شَفَا"صَبِرٍ" وصدرِ"عَرُوسِه"؟!..
مَنْ رشرشَ الأنداءَ فوقَ رموشِ "سَيْعَةَ"؟!
مَنْ أَسالَ العطرَ في"ثُعَباتِ"
مَنْ أرسى الغمامَ على دوالي"الأشرفيَّةِ"والأقاحِ؟!
هذا زمانُ يَدي الذي يغتالُه "المازوتُ"..
هذا يا مدينةُ
مَعبدي الخالي المُهَدَّمُ،
خَلْقُ أيامي الذبيحةِ..
تعرفينَ وتُنكرينَ
مخافةَ الساطورِ
والزَّمنِ السِّفَاحِ
***
رُحماكِ أثخنني هواك...
وتَسألين القلبَ:
ما البُرهانُ؟!
لا برهانَ أوضحَ
مِنْ دَمِي المسفوح..
ما القُربانُ؟!
لا قُربانَ بينَ يَدَيْ هواكِ
سوى انذباحي!
***
أنا يا مدينةُ ذلك الطَّفلُ
المُعلَّقُ مِنْ رموشِ صِبَاه
في"الباب الكبيرِ"،
يُطاولُ الأحلامَ دُونَ يدَينِ..
صارت حارتي"سلخانةً"كبرى،
وأحلامُ الصِّبا بين الأضاحي
***
أوصيكِ بي..
أوصيكِ بالطِّفلِ المشرَّد
في عَراءِ"الجحمليّةِ"،
يقرعُ الجدرانَ
والجدرانُ لا أبوابَ
تَقرعُ قلبَها الحَجَريَّ،
لا شُبَّاكَ
تَهدِلُ فوقَه الذِّكرى
ولا بُشرى
تُشَرِّع جفنَه الغافي
على النَّاجِينَ..
لا ناجينَ
مِن حتفِ المنافي
والنَّواحي
***
فتذكَّري المَنْسيَّ
إنْ سَنَحَ الزَّمانُ
ولم يَسَعهُ العمرُ،
أو طافَ الرِّعاعُ برأسِه
فوق الرِّماحِ.
#إتحاد_الشعراء_والمنشدين