في جديد الانسلاخ والانحلال والردة حتى عن شعائر الدين الإسلامي التي كانت تعتد بها مملكة آل سعود، قررت المملكة منع إقامة خيام الإفطار الرمضاني ومنع بث الصلوات من المساجد والحرم المكي والمدني ووقف الأذان عبر مكبرات المساجد في حزمة قرارات جديدة أصدرتها المملكة استباقا لشهر رمضان.
لم تكن هذه القرارات هي الأولى من نوعها التي تتجه إلى الحد من بقاء الشعائر العبادية غير أنها الأوضح في كشف توجهات مملكة آل سعود بقيادة محمد بن سلمان التي تتجه نحو الانحلال.
محمد بن سلمان يقود السعودية نحو الليبرالية – أو هكذا يتصور -، ففي مقابل منع الجهر بإقامة الشعائر الدينية يفتح المجال واسعاً للمراقص وحفلات اللهو والصخب وإباحة الخمور والفجور والمجون واللهو في كافة أنحاء المملكة.
لم تكن المملكة السعودية منذ نشأتها إلَّا نسخة مذهبية بفكر منحرف عن الإسلام، فقد تبنت المذهب الوهابي التكفيري الذي يتهم كل المسلمين بالردة منهجاً لها.. لكنها على الأقل حافظت على المظاهر العامة للشعائر الدينية كالصلوات والأذان وغير ذلك.. وما يعتبره محمد بن سلمان تحولاً في نظام المملكة هو القضاء على ما تبقى من شعائر واستبدالها بمظاهر الانحلال والرقص والمجون وغير ذلك.
تعاقب الملوك السعوديون منذ عبدالعزيز على توارث الألقاب الدينية ملكاً بعد ملك وكانت (خادم الحرمين الشريفين) إحدى التسميات الرسمية للملك الذي يصل إلى العرش.. وظل ملوك السعودية يقدمون أنفسهم للعالم الإسلامي على أنهم حماة الدين والعقيدة وخدام الحرمين بل وحصون الدين.
لم يكونوا كذلك أبداً قبل محمد بن سلمان لكنهم على الأقل حافظوا على الادعاء كتراث انتزعوا به شرعية دينية لإدارة الحج والمشاعر علاوة على حفاظهم على البعد الإسلامي وإن كان بالتسميات الفارغة عن الحقيقة.
لكن محمد بن سلمان أطاح بهذا كله، فهو لا يتورع عن أن يُدخل المشاهير من النساء إلى الحرم كاشفات بل وبمظهر عُري.. ولا يتورع عن قرار منع الحجاج من الحج.
يتصور ابن سلمان أنه يقود تحولاً تاريخياً للمملكة السعودية من خلال إباحة العري والفجور والمجون والرقص واللهو والخمور وتحويل الحرم الشريف إلى معلم سياحي مجرد من قداسته الربانية التي فرضها الله تعالى كَعَلَمٍ من أعلام الدين المكانية.
ما يفعله ابن سلمان هو خلع ما تبقى من مؤهلات سياسية على الأقل لبقاء المقدسات تحت إدارة سعودية علاوة على تمييع المجتمع السعودي ودفعه للانحطاط والرذائل وبرعاية رسمية.. وهو المجتمع الذي نخرته الوهابية ونخرته المخدرات ونخره التفسخ الذي نتج عن طفرة النفط والثراء.. وما هو حادث اليوم أن محمد بن سلمان يُكمل ما تبقَّى.
سيواجه ابن سلمان معضلة الألقاب الدينية إن وصل للعرش، وأبوه لم يعد خادم الحرمين تسمية ولا صفة حين يحدث. كل هذا الانفساخ والتردي والارتداد وهو في عرشه الذي لم يكن قويماً ولا عاد إلا عرشاً للخناء والفجور.
لا أشك في أن ابن سلمان الذي يتصور أنه مؤسس لدولة سعودية جديدة، يتجه بالمملكة نفسها نحو النهاية.. ويكتب بما يفعل نهاية المملكة السعودية بعد حكم دام نحو مائة عام فقط.. وسيكتب التاريخ أنه كانت هنا مملكة لآل سعود انتهت.. وصارت حكاية تشبه ممالك سبقت أموية أو عباسية أو غيرها.