ليس عبثاً طرح السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الأسبوع الماضي، معادلة "رحيل القوات المحتلة وعلى رأسها الأمريكي". هي أتت في توقيت تتضح فيه لصنعاء معالم الاحتلال الأمريكي وأهدافه وتمركزه، بل وإدارته لمفاصل عديدة في مناطق تحتلها السعودية والإمارات، وتتمركز فيها وحدات أمريكية وبريطانية و"إسرائيلية"، ناهيك عن الإدارة الكلية للعدوان الذي يتعرض له هذا البلد منذ ثماني سنوات مضت.
بعد أيام من طرح "المعادلة الكبرى"، التي رفع فيها السيد عبدالملك الحوثي السقف بوجه الأمريكيين، متوعدا باستهداف كامل نقاط تواجدهم في أرض اليمن وبحره وجزره، ومعاملتهم معاملة المحتلين، زيارة لافتة قام بها قائد الأسطول الخامس الأمريكي، براد كوبر، يرافقه السفير الأمريكي لدى "المجلس الرئاسي"، المعين سعوديا وأمريكيا، إلى المهرة، ولقائه المدعو اللواء خالد القلمي، رئيس مصلحة خفر السواحل اليمنية لدى الجيش اليمني التابع للتحالف.
في ظاهر الزيارة، حديث عن "مكافحة التهريب"، وخاصة السلاح، كما يزعمون؛ لكن في باطنها تحمل الكثير من الدلالات:
تأتي الزيارة بعد أيام من طرح السيد عبد الملك الحوثي معادلة بوجه الاحتلال بكل أشكاله، وعلى رأسه الأمريكي.
يريد الأمريكيون تأكيد تواجدهم، ووضعه ضمن خانة التواجد الشرعي، أي أنه بالتنسيق مع "مجلس رئاسي يمني معترف به دوليا"، وبالتالي نزع صفة الاحتلال عن تواجدهم.
يريد الأمريكيون إظهار القوة، وأنهم غير مبالين بما يصدر عن صنعاء، باعتباره "غير شرعي"، وفق منظورهم.
اختيار المهرة للقاء يعد نقطة تأكيد لاستراتيجية موقع تلك المحافظة بالنسبة للأمريكيين، والتي لها حالة خاصة في اليمن.
إن الرسالة الأمريكية، وإن كانت تعبر عن لا مبالة وقوة في ظاهرها، إلا أنها قد ترتب عليهم ردات فعل حال ذهبت الأمور في اليمن نحو تصعيد، في أي وقت.
من جهة أخرى، يحاول الأمريكيون تأكيد الإمساك بأوراق قوة، قد تستخدم يوما في حال ذهبت الأمور نحو تفاوض واسع، يتعلق بمجمل الملفات من الممرات البحرية إلى الجزر وأمن الملاحة من البحر الأحمر إلى بحر عُمان.
وإن كان التوجه الأمريكي هو إظهار القوة والنفوذ وعدم إعطاء معادلة صنعاء بعدا واسعا، رغم أن واشنطن تحاكي الوقائع إن اشتد الكباش، فإن صنعاء في المقابل ستفسر الخطوة كنوع من الاستفزاز، وهو ما يؤكد تصورها عن الدور الأمريكي في إدارة العدوان بهدف تحقيق مصالح أمريكية بامتياز.
وعليه، يمكن الجزم بأن الرد اليمني على استفزازات واشنطن المتتالية، وغير المحصورة بزيارة المهرة ذات الطابع العسكري، قد يكون ضمن حسابات أي تصعيد ما لم تسر سفينة حل الصراع وفق تصورات اليمنيين، تحديدا الحكومة الوطنية في صنعاء.
إعـلامـي وكـاتـب لبنانـي
* نقلا عن : لا ميديا