ها قد جاء رمضان، وسيحرص المغفَّلون على أدق التفاصيل في هذا الشهر الكريم ثم ينسلخون منه في آخر يوم وهم راضون عن حماقاتهم تلك، متناسين أن باب الله مفتوح في كل وقت وليس في رمضان فقط، وأن حرمات الله يجب أن تتم مراعاتها كل آنٍ، ماداموا يؤمنون باطِّلاعه على ما تخفي الصدور.
جاء رمضان ليصاب الناس بالتُّخمة، مع أنه شهر صوم، الهدف منه ترويض أنفسنا على الجوع والصبر، وعدم أذيَّة أجسادنا بما يضرها، ففي رمضان نختصر وجبة ونكتفي بوجبتين، لكنهما وجبتان تكفيان لأسبوع في غير رمضان.
فمتى نفهم أسرار الصوم وندرك أن الصيام شُرع لتهذيب النفس والحفاظ على صحة الجسد؟!.
نرى الناس في الشوارع يتقاتلون لأتفه الأسباب، وستكثر الحوادث المرورية وسيزداد عدد ضحايا الطرقات السريعة، وسيزداد التجار شرهاً، وتكثر مهرجانات التخفيضات التي تقام على الأرصفة وتتم المناداة بالمايكروفونات لبيع منتجات لم يبقَ على تاريخ انتهائها سوى أسابيع.. وستمتلئ الشوارع بالسمبوسة والطعمية المقلية بزيت قاتم لا يصلح لمكائن السيارات، فما بالك بالبشر. ولن تفعل صحة البيئة شيئاً يذكر.
في هذا الشهر الكريم تستيقظ الجمعيات النائمة لتُشهر في وجوهنا آيات الزكاة والصدقات، وما يخص السائل والمحروم وابن السبيل والمؤلفة جيوبهم، وستُخرج هذه الجمعيات من أرشيفها صور الأعوام السابقة الخاصة بإفطار الصائم وإفطار رجل المرور، وأشياء كثيرة مشابهة تحتاجها لدغدغة جيوب الناس، ثم تعود إلى سباتها لتستيقظ مرة أخرى قبل عيد الأضحى لتبحث عن جلود الأضاحي، وتحدثنا عن الأفارقة الذين يتم تنصيرهم، وأن هذه الجلود ستكون حافزاً لدخولهم الإسلام.
رمضان شهر الله، فلنحرص على ألَّا نلوِّثه، ولنحرص على أن يبقى باب الله مفتوحاً طوال العام.
* نقلا عن : لا ميديا