الملاحظات:
إلى أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات تقريباً من الألفية السابقة، لازال هناك معالم نلحظها من تعاف نسبي في القطاع الصحي، فتجد خدمات صحية مجدية، ويُصرف الدواء من صيدلية المستشفى الحكومي وعلى علبة أو باكت الدواء مربع صغير مكتوب فيه [السعر للجمهور: التكلفة + ريال واحد].
حتى شمر "حمران العيون" سواعدهم لهذا القطاع، إذ وجدوه فرصة لازالت بعيدة عن عبث أيديهم -كما كان التعليم- فعمدوا إلى تدهور القطاع الصحي الحكومي، وأنشأوا مستشفيات وشركات استيراد أدوية خاصة، حيث كانوا هم المسؤول والمستثمر في نفس الوقت، ليهتبلوا فجوة للاستثمار في آلام الناس وأوجاعهم، لا ليقدموا خدمات صحية وأدوية بتكاليف عادلة وتحت إشراف فاعل من قبل الحكومة عبر جهاتها المختصة.
وهكذا شيئاً فشيئاً حتى غدا القطاع الصحي الفاعل بيد هذه المستشفيات والصيدليات، ولم يتبق من القطاع الصحي الحكومي إلا أطلال مستشفيات واختفت الصيدليات سوى شيء قليل من المنظمات لأمراض محدودة قليلة، فلا يتجه نحو المستشفيات الحكومية إلا المستضعفون وقليلو الحيلة، فيعانون المرارات لا الأمرين، وإذا قُدر لأحدهم عملية جراحية في مستشفى حكومي فيلزم ذويه تزويد المستشفى بكل صغيرة وكبيرة من مواد العملية حتى ورقة يكتب الدكتور عليها المواد اللازم عليهم شراؤها من السوق!
بعد ثورة الـ21 من أيلول/ سبتمبر تفاءلنا أن يخنس "حمران العيون"، وظهر دكتور مجاهد برؤية صحية فذة لإعادة القطاع الصحي إلى صف المواطن، والعمل وفق منهجية العلاج بالصوم وتصحيح العادات الغذائية، والدواء في أدنى حد لازم، والبدء بالبحث وتصنيع الأدوية بمواد خام طبيعية محلية.. إلخ، وبدأ باستقبال المرضى في مركز مؤقت وعلاجهم، فنجحت منهجيته أيما نجاح، وعالج حالات كان قد حكم عليها غيره من الأطباء "ميئوسٌ منها"، فذاع صيته في الآفاق، وأعد هذا الدكتور دراسة جدوى اقتصادية لتأسيس مؤسسة ومركز صحي يكونان باكورة العمل الصحي الجديد، لقيادة القطاع الصحي في اليمن نحو تصحيح الانحرافات، ورفع بالدراسة للسيد العلم الذي أيد وبارك المشروع، ووجه بتمويله. تابع الدكتور وفريقه تنفيذ التوجيه فلم يحصل إلا على مبنى -مختلف فيه- فارغ على البلاطة، وتعثر التمويل لأسباب لا يعلمها إلا الله عز وجل والراسخون في خفايا الأمور.
لأجد قبل أيام أحد معاوني الدكتور الرئيسيين يُقدم خدمات فنية، لمستشفى خاص جديد ينافس تلك المستشفيات الخاصة القديمة في استثمار آلام المواطنين وأوجاعهم.. حز ذلك في نفسي.. المشروع الصحي الذي أزعم أنه الثورة الصحية لثورة الـ21 من أيلول، تعثر واضطر إلى أن يعتاش من هامش مستشفيات تستثمر في آلام المواطنين وأوجاعهم!
للأسف، خنس "حمران العيون" العهد السابق، لكن لازالت بقايا شياطينهم تمكر وتسول لـ"حمران العيون" في العهد الجديد، تَؤُزُّهُمْ أَزًّا، وتسوقهم إلى كل مثلبة أو مثلمة مارسها العهد السابق ليهتبلوها فرصة لجني المال الحرام، والاستثمار فيها.
التوصيات:
سبق أن قُلت، وأكرر:
- مشروع الدكتور هذا يمثل الثورة الصحية لثورة الـ21 من أيلول، أداة ومنهجية تكبح استثمار آلام الناس وأوجاعهم.
- أن تكون مستشفيات وصيدليات الحكومة -في أسوأ حالاتها- منافسة للقطاع الخاص جودة وسعرا وفاعلية خدمات.
- القطاع الخاص رديف رئيسي للحكومة في النهوض بالبلاد وتحقيق التنمية، بشكل عادل ومنصف للطرفين، مستثمر ومستفيد.
- اتقوا الله عز وجل ونفذوا توجيهات السيد العلم ومولوا مشروع الدكتور.
القطاع الصحي لا يجوز بأي حال معاملته على أنه مُنتج تجاري، فيُترك للقطاع الخاص المركز الأول فيه أو قيادة زمام أموره.
وبالله التوفيق..
* نقلا عن : لا ميديا