ماذا أهديكِ يا أمي في الأعياد، ماذا أهديكِ في أحلى الأوقات ، العطور أم أجمل الورود ، ماذا عن قلبٍ يحمل حب الكون؟ ماذا عن زهره فيها من كل لون ؟ إنها ملاكي الفريد..
يأتي عيد الأم ويتسابق الجميع ليُدخل البسمة على قلب أمه وهو يوقن أنها أجمل وأرق من في الكون وأن قلبها يسع الدنيا بما فيها وأنه لا يوجد أفضل منها على وجه المعمورة وأنه مهما عمل فلن يوفيها من حقها شيئا .
ليس بوسع أحد أن يهديها هدية تليق بقدرها.. ولكن على الأقل يستطيع أن يهديها شيئاً يعبر عن عميق حبه واحترامه وتقديره لها..
سيجتمع الجميع عند قدميها في صدر النهار أو في المساء حيث الجنة ويهديها قُبلة على رأسها وفي وجنتيها ويحظى بشم عطر صدرها حيث سعة الكون ودفء الحياة وراحة البال وجمال العيش.. وسينعم الجميع بأجمل اللحظات وأنقى الذكريات..
وفي مكانٍ آخر ستبقى هي هناك تبكي في الخفاء وتكفكف دمعها بمفردها وبينما الجميع يتمنى أن يمد الله في عمره هي الوحيدة تتمنى أن تنقضي ما تبقت لها من أيام في هذه الحياة بسرعة حتى ينطفئ لهيب الشوق في صدرها وتهدأ نار لهفتها المتقدة من مرارة الفقد ويكرمها الله بأن تلتقي بِقرّة عينها ومهجة قلبها وروحها التي غادرتها فبقيت جسدا بلا روح على أمل اللقاء .
نعم.. إنها أم الشهيد.. تلك الأم التي أهدتنا أغلى ما تملك ووهبتنا دماءها النابضة لنحيا بعزة وكرامة وقلبها الخافق المتواري في أعماق أرض الوطن وروحها المرفرفة في سماء المجد والمكرمات .
أقول لكِ يا أمي العزيزة الغالية.. نعم . فأم كل شهيد هي أمي وأم لكل أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه.. اليمن الذي فدته بأعز ما تملك ووهبت في سبيل سيادته وكرامته أغلى ما قد يوهب، فقد أهدته قلبا وروحاً وحياة..
إن كانت الأمهات يسعدن في هذا اليوم بقرب أبنائهن فأنتِ تباهين من في الكون ببذلك وعطائك.. أنتِ من تقفين على الأرض شامخةً ورأسك يلامس السماء حيث فلذة كبدك في أعلى عليين .
أخبرينا أيتها العظيمة.. يا أعظم أمهات الأرض ولو عن سر من أسرارك.. كيف استطعتِ أن تنشئي وتعدي وتربي هؤلاء العمالقة الأبطال.. مفخرة التاريخ بلا منازع وصناع الحضارة، من لقبهم الدهر برجال الرجال.. من هزموا رغم الحصار والدمار والتآمر والتكالب والحديد والبغي كل قوى الضلال.. حدثينا يا أمي عن سر الثبات والصمود.. وعن الانتصارات التي أدهشت الكون وخرّ صاعقا منها المعتدي الحقود.. عن سر الولاعة التي أحرقت فخر الصناعات الأمريكية وعن معركة ذات السلالم التي هزأت بكل جيوش العالم وترساناتها وآلاتها العسكرية..
وعن الرصاصة التي هزمت الصواريخ وأفتك الطائرات الحربية..
كلمينا يا أمي ولو عن شيء من هذه القيم التي غرستِها بداخلهم حتى هزموا طواغيت الأرض وتفوقوا على كل الإمكانات المادية ومدارس التدريب العسكرية .
ولا تحدثينا عنك.. فنحن نعلم أن ما هم إلا أنتِ يا من قدوتكِ البتول.. يا حفيدة بلقيس وصانعة الأسود الحيدرية .
ولكِ منّا كل الحب وكل الفخر ودمتِ بألف خير في كل أعيادك يا أم الأبطال الألى قهروا الجبابرة وتحدوا المحال ويا أم الانتصارات التي ستعيد من هذه الأرض الطيبة خارطة البشرية .