أصبحنا في زمن تغيرت فيه أشياء كثيرة حتى الاستعمار فبدلا من أن يكون من يمُارس عليه الاحتلال في حالة من الضعف أصبح العكس فمن يُراد احتلاله أصبح في قوة ومنعة وعزة بينما الذي يعتقد نفسه ذكياً وقويا وجبارا أصبح في حالة من الذل والمهانة وحتى المسخرة!
وهذا ليس كلاما تنظيريا بل هي الحقائق الموجودة على الواقع.
وكم هو غريب أن الحمار يعلمونه الطريق مرة واحدة فيحفظها ولا يخطئ فيها مرة ثانية، بينما هناك حمير من البشر يمرون بالمواقف عشرات ومئات المرات دون أن يستفيدوا من التجارب أو يعتبروا من المواقف!
ها هي صنعاء التي سقطت في الأيام الأولى من العدوان في إعلام العدو لا تزال شامخة عزيزة أبية ونحن في العام الرابع منه، فهل أن هذا العدو لا يقرأ الواقع أم أن عنجهيته وغطرسته منعته من أن يستفيد من الدروس المتكررة والمتلاحقة.
وكيف نفسر حمقه رغم خساراته الفادحة وهزائمه المدوية، قد تكون الاحتمالات كثيرة أولها انعدام نعمة العقل كما أشرت سابقا وليس آخرها أنه وجد أغبى مرتزقة على وجه الأرض يسوقهم كالبهائم إلى المحارق ويزج بهم زجّا في المهالك وهم في كل مرة مستعدون أن يكونوا وقود معارك خاسرة ولا يربحوا بعدها دنيا ولا آخرة.
ولو اعتبرنا أنه يراهن على مسألة الزمن ويعتقد أنه كلما مر الوقت فإنه سيجد خصمه الواقع تحت أشرس عدوان وحصار في تاريخ البشر القديم والمعاصر قد أصابه الوهن ونالت منه الخطوب فضعف أو استكان، لكن الواقع أثبت أيضا خلاف ذلك فها هو المارد اليمني يزداد قوة ومنعة كل يوم من عمر هذا العدوان بل ويزداد قدرة على المواجهة واقتدارا على الصمود والثبات وتطورا كبيرا وملحوظا في مختلف المجالات والتي أهمها التصنيع والتخطيط العسكري.
وفي كل مرة يعتقد أنها ستكون القاضية له تكون القاضية عليه، فنجد مخططاته التي يعتقد أنها كبرى وجهنمية والتي يعد لها بالأيام والشهور الطوال ويجمع لأجلها كل ما يقدر من عدة وعتاد وأعداد لا تحصى من المرتزقة من كل بلاد، يفاجئ برجال الرجال يمحقون مخططاته ويحيلونها في طرفة عين إلى خبر كان، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تعد ليس آخرها محارق الساحل المتتابعة والذي يضع العدو كل ثقله فيها سواء أكان عن طريق كميات رهيبة من أسلحة الجو والبر والبحر الأشد فتكا وتطورا أو من أعداد الغزاة والمرتزقة أو الخطط الجهنمية التي يتشارك الجميع في صنعها أو طبيعة جغرافية المعركة والتي هي على أرض مسطحة ومفتوحة من المفترض أن تحسم المعركة لصالحه فتكون النتائج في كل مرة أكثر كارثية عليه وما لم يكن في البال أبدا ولا الحسبان.
ألا يعتقد العدو الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني والفرنسي وأحذيته من الإماراتيين والسعوديين وأحذية الأحذية من المرتزقة وعباد المال بأنهم قد استنفذوا جميع الخيارات والإمكانيات والاحتمالات في أن يصلوا إلى شيء في الساحل الغربي فلا زحوفات كثيفة وبأعداد هائلة نفعت ولا التغطية الجنونية التي تصل لمئات الغارات في اليوم الواحد بالطيران ولا الحرب والهيلمانة الإعلامية والنفسية الضخمة نجحت في صنع شيء ولا حتى آخر ما كانوا يراهنون عليه وهو الإنزال البرمائي من البوارج الحربية لأعداد هائلة من الجنود الذين أتوا بهم من كل بقاع الأرض بمختلف اللهجات والديانات وأنهم حتى ولو عرجوا إلى السماء أو غاصوا في أعماق البحار والأرض بإمكانهم أن يحققوا شيئا أمام قوة بأس المقاتل اليمني التي هي من قوة الله وبأسه سبحانه والذي يمتلك إرادة وعزيمة وعقيدة قتالية لا يوجد لها نظير على وجه الأرض وهو يزيد من تطوير قدراته وخبراته في كل يوم.
وبعد كل ما ذكرت سابقا هل نحن أمام استعمار أم انتحار؟
عندما تجتمع الدول الكبرى في العالم وبدعم خرافي من أحذيتها وبتواطئ أممي وعالمي وتستعرض كل ما تمتلك من أسلحة متطورة وتكنولوجيا حديثة وأقمار اصطناعية وأجهزة رصد تكشف أبسط التحركات وأدق التفاصيل وعندما يكون عندها مئات الآلاف من مختلف مرتزقة وإرهابي العالم ثم تعجز أمام بلد واحد تحاصره منذ أكثر من ثلاث سنوات وتمارس أبشع الجرائم بحق أبناءه، لو افترضنا أنها استطاعت أن تنجز أي تقدم وتحقق شيئا من أهدافها بعد هذا كله فهل هذا يعتبر إنجازا أو بطولة أو رجولة أم أنه قمة الجبن والانحطاط والسفالة بل والانسلاخ من كل القيم التي تحكم حتى حيوانات الغاب!
لكننا نتحدث هذه الأيام عن إفشال إحدى أكبر مخططات العدو العالمي الذي يسعى لإركاع هذا الشعب باستماته واحتلال أرضه ونهب ثرواته، نتحدث عن هزيمة نكراء وفشل مخزٍ ومدوٍ، نتحدث عن انهيار مخطط تشارك فيه كبريات الدول وقد دخلت فيه بكل ثقلها.. عن خسارة فادحة إعلامية وعسكرية ومادية وبشرية بل أننا نتحدث عن انتحار لكل هذه القوى وإراقة لماء وجهها وضياع لهيبتها وتلاشي لسمعتها بل وأنها أصبحت في الحضيض على كل المستويات وبكل المقاييس، وفي المقابل فإن المارد اليماني يزداد قوة وعزة ورفعة ويحلق بأجنحة المجد والكرامة وقد تحطمت على صخرة إبائه وعظمته جميع طواغيت الأرض الذين استضعفوه وسعوا بكل قوتهم وغطرستهم لكي يكسروه فكان كعصا موسى التي فلقت بحر أوهامهم لأنهم استمدوا قوتهم من الله العزيز الجبار الذي له جنود السماوات والأرض وبيده الأمر كله وهو على كل شيء قدير..
نقول لكل هؤلاء الحمقى والمغفلين لو افترضنا أنكم نجحتم في تحقيق أهدافكم، فهل تعتقدون أنكم ستمكثون طويلاً في أرض الأباة الأحرار، وهل ستخرجون كما دخلتم وقد رأيتم بأعينكم ماذا حلَّ بمن سبقوكم ومن كانوا معكم؟
لكن كلنا ثقة ويقين بالله وبرجالنا العظماء والشعب الذي يقف إلى جانبهم ومن ورائهم بأنكم لن تحققوا شيئا من أوهامكم إلا أنكم جعلتم من أنفسكم مسخرة القرن العشرين كما عرف العالم أجمع وأيقن أن رجالنا هم مفخرة التاريخ والأمم، وأمام كل الوقائع التي تحدث أمام مرأى ومسمع من العالم هل ما تقومون به يعتبر استعمار أم انتحار أم أنه استحمار!