يسود تفاؤل جديد الأوساط اليمنية منذ أيام، بعد قيام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بزيارة خاصة إلى سلطنة عمان التي تقوم بدور أساسي في الوساطة بين الأطراف المختلفة لإنهاء الحرب. وتقول مصادر ديبلوماسية مطلعة، لـ«الأخبار»، إن السعودية أبدت مجدداً رغبتها في إنهاء حالة اللاحرب واللاسلم السائدة في اليمن منذ التوصل إلى هدنة قبل أكثر من عام، وإن المملكة استدعت الوساطة العمانية بنفسها، مبديةً استعدادها لتنفيذ بعض بنود تفاهمات رمضان، وخاصة المتعلّقة بصرف المرتبات وتوسيع الرحلات التجارية من مطار صنعاء وإليه. وتكشف المصادر أن «ثمّة تفاهمات جديدة حصلت نتيجة التواصل السعودي مع عُمان خلال الأيام التي سبقت وصول ولي العهد إلى مسقط»، مضيفة أن «المباحثات التي جرت في العاصمة العمانية أدت إلى تجاوز عقبات كبرى في آليه صرف الرواتب للموظفين». وتؤكد أن «مطار صنعاء سيستقبل رحلات مباشرة جديدة من عدة جهات خلال الفترة القادمة»، متابعةً أن «العملية لن تتوقف عند هذه الخطوات، وإنما ستتبعها خطوات أخرى بشأن الطرقات برعاية الأمم المتحدة».
وعلى رغم ذلك، يرى مراقبون في صنعاء أن «أي تفاهمات سرّية ستكون مرهونة بخطوات جدية على الأرض، بعد أن تهشّمت الثقة بين الطرفين». وكان نقَل سفراء فرنسا وألمانيا وهولندا وفنلندا والاتحاد الأوروبي، خلال زيارتهم إلى مدينة عدن منتصف الأسبوع الجاري، مقترحات أممية جديدة بشأن صرف المرتبات، مقابل إعادة إنتاج النفط والغاز، وذلك بعد أن تعثّرت جهود المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، خلال زيارته الأحدث التي قام بها الأسبوع الماضي إلى كل من عدن ومأرب، في هذا الإطار. وفي تعليقه على هذه التطورات، يبدي عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، علي القحوم، في حديث إلى «الأخبار»، تفاؤله بمخرجات زيارة ابن سلمان إلى مسقط، لافتاً إلى أن اتصال وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، برئيس "المجلس الرئاسي" اليمني، رشاد العليمي، قبيل زيارة شقيق الأول إلى العاصمة العمانية «يأتي في إطار الحراك السعودي - العُماني بشأن الملف اليمني، ومحاولة طمأنة العليمي بشأن مستقبله السياسي».
اتصل خالد بن سلمان بالعليمي محاولاً طمأنته إلى مستقبله السياسي
وفي مقابل التفاؤل الذي يسود الشارع في صنعاء، زاد الحراك السياسي الأحدث بشأن الملف اليمني، الوضع إرباكاً في أوساط القوى الموالية لحزب «الإصلاح». وفي هذا الإطار، كشف مستشار علي محسن الأحمر، النائب السابق للرئيس، سيف الحاضري، عن تخوف الحزب من التطورات الأخيرة، ولا سيما في ظلّ خشية أعرب عنها الموالون لـ"التحالف" من أن تشمل أجندة ابن سلمان في مسقط لقاءً لمساعدي ولي العهد مع وفد صنعاء، وهو ما اعتبره الحاضري، في حال حصوله، مؤشراً إلى طبخة جديدة تهدف إلى تقديم مزيد من التنازلات لـ"أنصار الله". وإلى جانب «الإصلاح»، اصطفّ «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، في التوجّس من المفاوضات الحالية والتي استثنته السعودية منها، ولا سيما أنها تتضمن مناقشات حول عائدات النفط والغاز التي يرى فيها «الانتقالي» حقاً لدولته المنشودة جنوباً. وما عزّز أيضاً هواجس تلك القوى، التقارير التي تتحدّث عن احتمال تقديم ابن سلمان عرضاً جديداً لصنعاء يتضمّن إرسال وفد إلى الرياض للتوقيع على الصيغة النهائية للاتفاق.
وفي ما يعاكس الأجواء التفاؤلية، كان رئيس حكومة صنعاء، عبد العزيز بن حبتور، لمّح، قبيل زيارة ابن سلمان، إلى محدودية فرص المبادرة العُمانية، ولوّح بالعودة إلى التصعيد العسكري عقب احتفال المولد النبوي الذي يصادف في 27 أيلول. وقال في تصريح إن «الوساطة العمانية صادقة مع كل الأطراف، لكن تأثيرها محدود أيضاً». وتابع أن «دول العدوان هي المعنية بالمبادرة والخروج من الحرب»، مشيراً إلى أن «التحالف يتعنّت لاعتقاده بأنه يشكل ضغطاً شعبياً على أنصار الله في ملف الرواتب». وأضاف: «نحن الآن منكبّون على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وما بعده الأمور مفتوحة على العودة إلى المربع الأول».
يُشار إلى أن مجلس الأمن الدولي عقد جلسة مغلقة جديدة خاصة باليمن، قدم خلالها المبعوث الأممي إحاطة سرية، وأصدر المجلس بعدها بياناً يؤكد تمسكه بمفاوضات يمنية - يمنية برعاية أممية.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية