آخر الأخبار
عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
سيناريو الشرق الجديد
عن عملية الوعد الصادق الإيرانية.. “رؤية”
الحدث وأثره في صناعة الحياة
خاطرة بين يدي العيد
فشلُ التحالف في تطويع اليمن
جدلية الصراع بين المسلمين واليهود
الصراعُ بين اليهودية والإسلام
العام العاشر من الصمود
التفاعل مع المستوى الحضاري
اليمنُ والحضورُ الفاعل

بحث

  
الهجرةُ النبويةُ كحالة انتقال
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: سنتين و 8 أشهر و 11 يوماً
السبت 14 أغسطس-آب 2021 07:44 م


ربما كان حَدَثُ الهجرة النبوية من مكةَ إلى المدينة حَدَثاً عابراً في فكر الكثير من أرباب الفكر الإسلامي، فلم يكد حديثهم يتجاوز وصف الرحلة، وتتبع الروايات حول الحدث، والبعض يرى في الكثير منها بُعداً عقائدياً، والآخر بُعداً تشريعياً، والبعض بُعداً أخلاقياً، ولم نجد من يقرأ الحدث في أبعاده النظرية والرمزية، ولا في اشارات الانتقال التي كان يرمز إليها.

الهجرة لم تكن إلا انتقالاً من حال دل عليه المكان بكل دلالاته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ولذلك غفل الفكر العربي عن تفسير الحالة تفسيرا منطقيا يتسق ورسالة الإسلام كرسالة سماوية خاتمة للبشرية، ذلك أن إيماننا المطلق بالله يرى أن الله كان قادراً أن يزرعَ المحبة في قلوب كفار فريش ويجعل منهم أُمَّـة تتقبل الرسالة وتبشر بها العالم من حولها، لكن حدث العكس فقد كانت قريش بكل مدلولات المكان الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بيئة طاردة للرسالة وغير قابلة للتحولات وحالات الانتقال التي يحملها الرسول الأكرم للبشرية، لذلك كانت الهجرة تعبيراً عن المناخ الملائم للإسلام بدلالة اسم المكان الجديد ” المدينة ” وتعبيراً عن رفض المحمول الثقافي للقرية، ومثل ذلك ثابت بالنص، فالقرآن حين يتحدث عن مكة فهو لا يتجاوز ملفوظ القرية إلى غيره وحين يتحدث عن يثرب كمكان جديد حاضن للرسالة المحمدية فهو يسميها بالمدينة وفي ذلك دلالة حضرية ذات بعد نظري عميق لم يقف عنده أرباب المذاهب ولا علماء الكلام كما وقفوا عن باب الطهارة والنجاسة وباب النكاح.

الهجرة تشكل حالة انتقال من عصبية القرية إلى روح التعايش المدني الذي شكلته يثرب بتعددها الثقافي وبقيم التعايش الذي أسسته صحيفة المدينة وهي وثيقة كانت تنظم العلاقة بين أطياف المجتمع في المدينة من مهاجرين وأنصار، وعرب مشركين، ويهود ونصارى، وهذه الوثيقة تمثل أول دستور لتأسيس الدولة الإسلامية الجديدة معنى ذلك أن الإسلام مدني بطبعه وجوهره التعايش والسلم والتسامح،

هذا المعنى الكبير الذي اشتغل عليه الفكر الإنساني، وتأسس بثورات في المجتمع الإنساني كالثورة الفرنسية وغيرها نحن كعرب وكمسلمين كنا أول من وضع مداميكه الأولى وصرفنا فكرنا عنه بالصراعات، وملأنا الفراغ بالغرائز التي طال جدالنا الفكري حولها تبريرا وتفنيدا وتشريعا وقياسا وإجماعا.

لا أعتقد أن فكرة التاريخ الهجري كانت فكرة عفوية غير مدعومة بالعناية الالهية بل ندرك عناية الله فيها حتى يقيم الحجّـة على الذين يتخذون الدين ومصالح البشر لهواً ولعباً وعبثاً فكرياً، وحتى يتذكر المسلمون كُـلّ عام جديد أن الهجرة صيرورة زمنية وحالة انتقال من عصبية القرية وغبنها واستغلالها وتمايزها الطبقي وعبوديتها إلى فضاء الإسلام وحريته ومساواته بين الخلق في الحقوق والواجبات، فكل فكرة مدنية معاصرة اشتغل عليها المفكرون عبر القرون والأزمنة نجد له جذراً في الفكر الإسلامي سواء في مصادر التشريع أَو غيرها، فعهد الأمم المتحدة في حقوق الإنسان وجدناه اسما ومصطلحا ومعنى وقيما ومبادئا في عهد الأمام علي عليه السلام للأشتر، والمساواة في السير مبثوثة لمن ألقى السمع أَو كان بصيراً، فالإمام علي عليه السلام يقفُ بين يدي القاضي وكان أميراً للمؤمنين دون أن يمنعَه سلطانه من الامتثال للحق، وهذا نجده اليوم في العالم من حولنا -ونحن من سبق العالم إليه- تركناه وتمثلوه.

العام الهجري الجديد يفترض أن يكون عاماً جديدًا من الوعي بالحقائق التاريخية وبالقراءة الفاحصة للفكر الإسلامي حتى لا نتخلف عن الركب وبسبقنا العالم من حولنا بقيم نحن أحق بها ولكننا تركناها وأعاد العالم من حولنا إنتاجها فتقدم وتراجعنا.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
رشيد الحداد
معركة «صامتة» في المحيط الهندي: صنعاء تتعقّب سفن الكيان
رشيد الحداد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
إبراهيم الوشلي
عجائب..!
إبراهيم الوشلي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
رشيد الحداد
فشل المفاوضات اليمنية - الأوروبية: صنعاء إلى التصعيد مجدداً
رشيد الحداد
مقالات ضدّ العدوان
طالب الحسني
بعد الوجود البريطاني في المهرة:أمريكا غير مستعجلة في إنهاء الحرب على اليمن
طالب الحسني
عبدالمنان السنبلي
على خلفية قرار السلطات السعودية الأخير بحق المغتربين اليمنيين هنا.. يجب الغاء اتفاقية الطائف
عبدالمنان السنبلي
يحيى المحطوري
عاقبة الخونة.. والكفر المحايد
يحيى المحطوري
محمد أمين الحميري
هنا الدولةُ الحقيقية
محمد أمين الحميري
عبدالرحمن مراد
النظام العالمي والمسلمون
عبدالرحمن مراد
خالد العراسي
المخطط الخبيث ورهانات المواجهة
خالد العراسي
المزيد