خطابُ السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى المولد النبوي كان تتويجُا لخطاباته كلها التي سبقت، ليس في كونه كان حافلًا بالموجهات الخَاصَّة بعملية التغيير الجذري نحو الإصلاح المؤسّسي والإداري، بل في كونه أحدث تأثيرًا مضافاً قرأنا انعكاساته لدى بعض النخب الذين لديهم قناعاتٌ ورؤىً مختلفة، وَتأكيدهم بأنه خطابُ مرحلة لا يصدر إلَّا من قائد استثنائي، فيه من المسؤولية والصدق وَالثبات وَالوضوح ما جعلهم يشيدون به ويعبِّرون عن تفاؤلهم، بعد أن تكفلت المرحلةُ السابقةُ ومنظومتها المتهاوية من قوىً وأحزابٍ إلى أن تجعلَهم مكبَّلين بدائرة التشاؤم واليأس.
بالنسبة لنا نحن الذي انخرطنا في هذا المسار وَالمنهج وتولينا هذا القائد وَالتحقنا برجاله، مثَّل لنا خطابُ السيد القائد في ذكرى يوم المولد النبوي الشريف تكريسًا لقناعاتنا المتراكمة والثابتة حوله، تلك التي قلناها وعبَّرنا عنها بعد أول خطاب في ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر، هذا القائدُ تملَّكَ حواسَنا ومشاعرَنا وَأقلامَنا وحروفَنا قبل أن تنهارَ منظومةُ الزيف وَتتوارى خلف ستار الفضائح، وقبل أن تخلوَ الساحاتُ من المتفوِّهين والمنظّرين والمراهنين، ومن زحام تلك المشاريع، رأينا فيه رجلَ الإنقاذ وطنيًّا قبل أن يتراءى لنا كسفينةِ نجاةٍ دينيًّا وَإنسانيًّا، نراهنُ عليه بكُلِّ الثقافات التي تجمعت في عقولنا، نسك العُبَّاد وَأفكار الفلاسفة ونظريات المفكِّرين، وتباشير المؤرخين.
من جميعِ ساحات المولد النبوي الشريف، صرخنا: “فَوَّضناكَ”. ومعنا كُـلّ الشعب، وليس لنا رجاء إلَّا بدولة كريمة نعيش في كنفها مواطنين أعزاءً أحرارًا كُرماءَ.. لدينا قضيةٌ نحيا لها وبها؛ ولأننا وجدنا ضالَّتَنا في هذا القائد.
وفي ضميرنا سرورٌ لا منتهى له أن اللهَ لم يخيِّبْ ظنونَنا ولم يزغ قلوبنا، كما نحن سعداء في أن نرى كُـلَّ يمني عاقلٍ صحيحِ العقل نظيفِ الفكر أن يشاطرَنا هذه القناعاتِ ولو بعدَ حين، وأن تأتيَ هذه القناعاتُ متأخرةً خيرٌ من أن لا تأتي.