رغم المجازر المروعة التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني بحق الأطفال والنساء لمواراة هزيمته العسكرية، إلا أن فشله في تحقيق أدنى حسم عسكري على الأرض بات ظاهراً للعالم أجمع.
ومع توالي الأيام تزداد فضيحة العدو ويتبين مدى هشاشة قواته العسكرية التي سقطت بالكامل في محيط غلاف غزة خلال عملية “طوفان الأقصى” البطولية التي سجلت سابقة في تاريخ الصراع الإسلامي ـ الصهيوني القائم منذ ما يربو على سبعة عقود.
فلأول مرة تتقدم فصائل المجاهدين الفلسطينيين خارج قطاع غزة، وتنجح في تدمير فرقة عسكرية بالكامل تضم عدة ألوية مدججة بأحدث وسائل القتل، وتأسر المئات من ضباطها وأفرادها.
وبرغم فارق القوة العسكرية إلا أن إسرائيل فشلت حتى في استعادة جندي واحد من أسراها، ومع مرور أسبوعين وقرب انتهاء الثالث، يصبح الأمل في اجتياح بري لغزة بات أقرب إلى المستحيل.
ولكي نتأكد من ذلك، فعلينا أن نراجع التاريخ العسكري لجيش الاحتلال، فمعاركه المتعددة مع العرب لم تستمر لأكثر من شهر، لأسباب كثيرة أبرزها الضغط الشعبي من قبل المجتمع الصهيوني الذي يهدد مع كل صراع مسلح بالهجرة ومغادرة الأراضي المحتلة.
ففي نكسة حزيران 1967 نجحت تل أبيب في هزيمة أربع دول عربية خلال ستة أيام واحتلال مساحة إضافية أخرى من البلاد العربية، تعادل ثلاثة أضعاف ما احتلته في نكبة 1948.
سنة 1982 نجحت قوات الاحتلال بإسقاط العاصمة اللبنانية بيروت خلال 10 أيام، وارتكبت مجازر مروعة بحق الفلسطينيين واللبنانيين، لعل أبرزها مجزرة “صبرا وشاتيلا”، حيث ذبح الجنود الصهاينة وعملاؤهم ما يقارب 4000 مدني أعزل بالرغم من التعهدات الأمريكية بحماية المدنيين بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، وعلى مرأى العرب حكاماً وشعوب.
إلا أن تلك المرحلة من الخزي بدأت بالتراجع مع ظهور حزب الله في لبنان في ذلك العام، ليبدأ مشوار أول هزيمة عسكرية للجيش الصهيوني في مايوـ أيار 2000 وانسحابه من جنوب لبنان بالكامل.
في تموز 2006 حاولت إسرائيل مجدداً احتلال لبنان لكنها فشلت في تحييد المقاومة الإسلامية هناك عن المشهد، جراء المقاومة العنيفة، ومقتل نحو 150 جندي صهيوني.
ومن أبرز أسباب هزيمة تموز 2006 هو أن جيش الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه المعلنة خلال الأسبوع الأول من العدوان، ما جعل المدة الزمنية تمضي لصالح المقاومة، كما اضطره لوقف الهجمات والانسحاب بعد شهر فقط من بدء العمليات المسلحة.
وهنا يثبت أن نفس جيش الاحتلال الإسرائيلي قصير للغاية ولا يدوم لأكثر من 30 يوماً، حيث أن نتائج العدوان أخذت مفعولاً عكسياً وبدأ الصهاينة بالنزوح الجماعي خارج فلسطين المحتلة، مع تنامي عمليات القصف للمقاومة اللبنانية وتكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة بسبب توقف معظم الأنشطة الصناعية والسياحية.
وتكررت الكارثة لإسرائيل في عدوانها الأول على غزة مطلع العام 2009، واضطرارها لوقفه خلال 22 يوماً فقط للأسباب عينها.
فالصهاينة يأخذون في الحسبان الخسائر المادية وتوقف النشاط التجاري وحركة السياحة، إضافة إلى الخطر الأكبر المتمثل في تزايد الهجرة العكسية خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما قد يجعل إسرائيل في أي لحظة خالية من المستوطنين اليهود.
كل تلك المآلات تنذر بزوال الكيان الصهيوني، وتؤكد أن هزيمته مرهونة بصبر المجاهدين في غزة واستمرار المقاومة في الداخل والدعم الشعبي لها من الخارج.
ولا غرابة أن تلجأ إسرائيل لتفعيل دور الوساطة عبر حلفائها العرب بغية إنقاذ ماء وجه الجيش الصهيوني، الذي يتداعى مع كل يوم تصمد فيه غزة وسكانها الأبطال.
* نقلا عن :السياسية