في تطوّر نوعي في مسار المواجهة المفتوحة مع إسرائيل والولايات المتحدة، أعلنت القوات المسلّحة اليمنية إسقاط طائرة أميركية مسيّرة من طراز «MQ9»، أثناء قيامها بأعمال عدائية ورصد وتجسّس في أجواء المياه الإقليمية اليمنية، ضمن الدعم العسكري الأميركي للكيان الإسرائيلي. جاء هذا التطوّر على وقع تصعيد عسكري جديد تمّ رصده في عدد من الجبهات اليمنية الداخلية، في إطار ما يبدو أنه محاولة أميركية لثني صنعاء عن مساندة قطاع غزة الذي يتعرّض لجرائم إبادة جماعية غير مسبوقة. وأكد الناطق باسم القوات المسلّحة اليمنية، العميد يحيى سريع، أنه تمّ إسقاط الطائرة الأميركية «بالسلاح المناسب»، مضيفاً إن قوات بلاده «تؤكد حقها المشروع في الدفاع عن البلاد والتصدّي لكلّ التهديدات المعادية»، وإن «التحرّكات المعادية لن تثني القوات المسلّحة اليمنية عن الاستمرار في تنفيذ العمليات العسكرية ضدّ الكيان الإسرائيلي دعماً ونصرةً لمظلومية الشعب الفلسطيني».
وكانت صنعاء قد جدّدت، أمس، استهداف مدينة إيلات على البحر الأحمر من دون أن تعلن ذلك، بعدما بثّت، ليل أول من أمس، مشاهد للعملية التي وقعت في اليوم السابق، واستهدفت خلالها بعدد من المسيّرات من نوع «صمّاد 3»، مناطق في فلسطين المحتلة.
وقبل استهداف الطائرة الأميركية، قالت مصادر عسكرية في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن «القوات المسلّحة اليمنية تستعدّ للردّ على تحريك جبهات الداخل بتنفيذ ضربات مشتركة يشارك فيها سلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية. وهذه المرّة لن يكون الردّ مقتصراً على جنوب فلسطين المحتلة، بل سيُفتح أيضاً بنك الأهداف الأميركية في الداخل والخارج، وستكون بذلك قد دخلت جبهة لطالما انتظرتها». وأشارت المصادر إلى أن «الخطة الأميركية - السعودية - الإماراتية لإشغال صنعاء من الداخل، لا تشمل استئناف التصعيد الجوي بين صنعاء والرياض حتى لا تعيد إمدادات النفط الخام عبر الممرات المائية إلى دائرة الخطر». وفي الاتجاه نفسه، تؤكد مصادر ديبلوماسية مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، أن الرياض لا ترغب في عودة التصعيد الجوي مع صنعاء، وأنها "لن تساند قوات الحكومة الموالية للتحالف في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار"، كاشفةً أن «المملكة تجنّبت الرد على ضربات صاروخية متعدّدة خلال الأسابيع الماضية مصدرها صنعاء». لكن المصادر تنبّه إلى أن أيّ تصعيد جديد من قِبل التشكيلات الموالية للإمارات والسعودية، وفق ما توحي به الترتيبات الجارية في جبهات ميدي شمالي محافظة حجة، وفي محيط مدينة مأرب، وفي جبهات الضالع وتعز والساحل الغربي، "لن يعفي أيّاً من الدولتين من الردّ وسيعيدهما إلى قلب الصراع".
صنعاء: أيّ تصعيد من قبل التشكيلات الموالية للإمارات والسعودية سيعيد الدولتَين إلى قلب الصراع
وبالعودة إلى حديث المصادر العسكرية، فهي تؤكّد، أيضاً، أن «صنعاء تنتظر إشارة البدء بالتصعيد المضادّ، لتنهي المعركة بتحرير كل المحافظات اليمنية»، معتبرةً أن «الحرب التي يتمّ الإعداد لها منذ أسابيع بدعم أميركي، تأتي في إطار إعاقة الهجمات اليمنية الموجّهة نحو إسرائيل والتأثير على مساندة الشعب الفلسطيني». والواقع أن صنعاء التي تلقّت تهديدات أميركية بتفجير الوضع من الداخل قبل إعلانها رسمياً الدخول في المعركة ضدّ الكيان، كانت تتوقّع أن تعمد واشنطن إلى تحريك جبهات الداخل. ولذا، فهي عملت على تعزيز الجبهات كافة، ووضعت قواتها في مختلف المناطق في حالة جاهزية عليا تحسّباً لأي طارئ، ونفّذت خلال الأسابيع الماضية عدداً من المناورات العسكرية في عدد من المحاور العسكرية التابعة لها، والتي أكدت فيها استعدادها لجميع الخيارات. وفي هذا الإطار، شهدت محافظة صنعاء مناورة عسكرية كبيرة تُعدّ الرابعة منذ السابع من الشهر الماضي. ووفقاً للموقع الرسمي لوزارة الدفاع في حكومة الإنقاذ، فإن المناورة التي حملت اسم «طوفان الأقصى»، نفّذها «لواء القدس»، أحد ألوية المنطقة العسكرية المركزية، والذي يضمّ قوات النخبة في صنعاء.
وقد أكدت مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، رصد تحرّكات عسكرية تمثّلت في إعادة تموضع للقوات الموالية لـ"التحالف" في عدد من الجبهات المحيطة بمدينة مأرب، مشيرةً إلى أن «هذه القوات جرى استدعاؤها بشكل عاجل، الأسبوع الماضي، إلى المعسكرات والثكنات العسكرية». وقبل الدفع بها إلى جبهات القتال، صرفت لجنة سعودية مالية «مكرمة ملكية» للجنود والضباط المشاركين فيها، كدافع لهم للانخراط في التصعيد. ووفقاً للمصادر، فإن تلك التعزيزات وصلت الى مواقع تماس متفرّقة في كوفل وذنه ووادي أراك، جنوب مركز محافظة مأرب. وبالمثل عزّزت التشكيلات الموالية لـ"التحالف" وجودها العسكري في الجبهة الجنوبية عند أطراف مأرب، وخصوصاً في اتجاه مناطق يعره، والعمود، والبلق الشرقي، وقطاع الفليحة، وجبهة أم ريش. وأشارت المصادر إلى أن القوات المستدعاة حاولت تنفيذ عملية تسلّل، مساء أول من أمس، في جبهات رغوان غربي المدينة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات بينها وبين قوات صنعاء وُصفت بالعنيفة، واستخدم الطرفان فيها مختلف الأسلحة.
يشار إلى أن سفير دولة الكيان في الأمم المتحدة، جلعاد أردان، قدّم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضدّ حركة «أنصار الله»، ردّاً على استهداف الأخيرة مناطق في فلسطين المحتلة، وذلك بتأييد من السفير اليمني الموالي للإمارات، عبد الله السعدي، الذي كان قد أبدى تضامنه مع القتلى الإسرائيليين في عملية «طوفان الأقصى».
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية