تواصل واشنطن وشركاؤها في المنطقة إثارة المخاوف من تنامي قدرات صنعاء العسكرية. فبعد فشلها في وقف هجمات القوات البحرية اليمنية على السفن الإسرائيلية أو تلك المتّجهة إلى الموانئ المحتلة، وعجزها عن حماية السفن العسكرية والتجارية الأميركية والبريطانية أخيراً، لجأت إلى ابتزاز العالم، مستخدمةً التهويل من مخاطر حركة «أنصار الله»، ولكن هذه المرّة ليس على خطوط الملاحة الدولية التي تمرّ من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، بل استغلّت مرور الكابلات البحرية للإنترنت، والتي تتدفق عبرها البيانات والمعلومات والاتصالات الدولية إلى عدد كبير من بلدان المنطقة وبالعكس، من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، من أجل «شيطنة» العمليات العسكرية التي تنفّذها قوات صنعاء.ومع تصاعد الأحداث في البحر الأحمر، أثيرت المخاوف بشأن تعطيل الاقتصاد العالمي من بوابة الإنترنت؛ إذ تبنّت حكومة عدن، أمس، الرواية الأميركية والبريطانية بشأن احتمال قيام حركة «أنصار الله» باستهداف الكابلات الدولية. ودعت، في بيان صادر عن مؤسسة الاتصالات التابعة لها وشركة الاتصالات اليمنية الدولية في عدن، التحالفات الدولية التي تدير عدداً من الكابلات الدولية التي يغذّي البعض منها اليمن عن طريق بوابة الإنترنت الدولية في الحديدة، إلى وقف التعامل مع صنعاء. وجاء هذا البيان بعد أيام من لقاءات مكثّفة بين قيادة وزارة الاتصالات التابعة لحكومة عدن ومسؤولين إماراتيين، والسفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، في أبو ظبي. وتقول مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن معظم اللقاءات جرت مع المكتب الفني الخاص بمكتب المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، ونُوقشت خلالها خطة أميركية - إماراتية لمرحلة ما بعد إعادة التصنيف الأميركي لحركة «أنصار الله» على قائمة الإرهاب، حين يدخل التصنيف حيز التنفيذ بعد 30 يوماً من إعلانه الأسبوع الماضي. كما أتت هذه التحركات في أعقاب تلويح صنعاء، أواخر الشهر الماضي، في بيان صادر عن «المجلس السياسي الأعلى»، بامتلاك أوراق قوية لمواجهة أي تداعيات ناتجة من إعادة التصنيف، من دون ذكر نوع تلك الأوراق، وهو ما دفع الإمارات إلى إثارة مخاوف المجتمع الدولي من المخاطر التي تشكّلها «أنصار الله» على شبكة كابلات الاتصالات الحيوية.
صنعاء حريصة على تجنيب خطوط وكابلات الاتصالات وخدماتها أيّ مخاطر
والواقع أن استخدام كابلات الإنترنت العالمية التي تمرّ على عمق 100 متر تحت الماء، لإثارة مخاوف العالم، هو عمل ممنهج، جاء بالتزامن مع فشل تحالف «حارس الازدهار» في تحقيق أي أهداف، واستمرار عزوف دول العالم عن مشاركة أميركا في مهمة كسر الحصار اليمني المفروض على السفن المتّجهة إلى إسرائيل في البحرَين الأحمر والعربي. كما أن حكومة صنعاء نفت تلك الاتهامات في أكثر من بيان صادر عن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التابعة لها، وأكدت أن مصادرها هي وسائل إعلام أميركية وصفحات محسوبة على العدوّ. وأوضح أحد هذه البيانات أن قرار اليمن منع مرور سفن العدوّ الإسرائيلي لا يخص السفن التابعة للشركات الدولية المرخص لها من الشؤون البحرية التابعة لصنعاء بتنفيذ الأعمال البحرية للكابلات، مؤكداً الحرص على تجنيب خطوط وكابلات الاتصالات وخدماتها أيّ مخاطر. وأشار البيان إلى أن قطاع الاتصالات يعمل على تطوير مصالحه مع شركائه، والتي تشمل مشاريع الكابلات البحرية ومراكز البيانات الإقليمية، بما يحفظ حقوق اليمن وسيادته ويحقق مصالحه.
في المقابل، تسعى حكومة عدن، التي باعت 70% من الاتصالات لشركة إماراتية - إسرائيلية منتصف العام الفائت، إلى تسليم ما تبقى من كابلات خاصة بالاتصالات والإنترنت، تغذّي اليمن عبر بوابة الإنترنت في الحديدة، وهي كابل آسيا – إفريقيا – أوروبا 1 (AAE-1) وكابل جنوب شرق آسيا – الشرق الأوسط – غرب أوروبا. وقبل أيام، حذّر تقرير صادر عن موقع «منتدى الخليج» الدولي، ومقره واشنطن، من احتمال قيام «الحوثيين» باستهداف الكابلات البحرية الحيوية التي «قد تكون هدفاً جديداً لهجماتهم المقبلة في البحر الأحمر»، ما يشير إلى تهديد متطوّر يمكن أن يعطّل الاتصالات والاقتصاد العالميَّين بصورة خطرة وغير مسبوقة. وقال التقرير إنه «يمكن أن تكون شبكة كابلات الاتصالات الحيوية تحت الماء هدفاً سهلاً ومثالياً لهجوم جماعة الحوثي المقبل، ويجب أن يثير هذا الاحتمال قلق جميع الدول التي تعتمد على هذه البنية التحتية الحيوية القريبة والبعيدة على حدّ سواء».
ابن مبارك رئيساً لحكومة عدن
في إطار التحركات الأميركية الهادفة إلى تقويض مسار السلام، أعلن «مجلس الرئاسة» في الرياض إطاحة رئيس الحكومة الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، معين عبد الملك، وتعيين أحمد بن مبارك، وزير الخارجية السابق، رئيساً جديداً لتلك الحكومة. ووفقاً لمصادر سياسية مقرّبة من حكومة عدن، فإنّ بن مبارك لم يكن مرشحاً لرئاستها إلى ما قبل أيام، وجرى تعيينه بدعم من المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، والسفير الأميركي، ستيفن فاجن. وقد فرض ابن مبارك عام 2014 رئيساً للحكومة من قبل الرئيس السابق، عبد ربه منصور هادي، لكنه أُسقط بعد ساعات. وهو من أبرز المقرّبين لواشنطن، ومن المتوقع أن ينعكس تعيينه بشكل سلبي على مسار السلام.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية