مجند أمريكي يحرق نفسه قهراً بعد أن شاهد مناظر القتل والدمار في غزة، فهل وصلت الدناسة والوضاعة ببعض العرب إلى هذه الدرجة من التجاهل؟! لم نطلب منهم أن يقاتلوا في فلسطين، ولم نطلب منهم أن يدعموا بالمال غزة المحاصرة، ولم نطلب منهم حتى أن يبرئوا ذمتهم بكلمة حق فيما يشاهدونه من مآسٍ وجرائم ترتكب في كل ساعة بحق الفلسطينيين... كل ما نطلبه هو أن يمتنعوا عن شراء بضائع «إسرائيل» ومن يدعمها، وألا يشتروا بأموالهم أسلحة للصهاينة يقتلون بها أهلنا في فلسطين!
طبعاً، هناك جزء (كبييير) من المسؤولية يقع على عاتق حكومتنا، التي أصدرت قبل مدة قراراً بمنع استيراد وبيع البضائع الأمريكية و«الإسرائيلية» في السوق المحلية؛ ولكن سيل هذه البضائع ما يزال يتدفق على الأسواق دون انقطاع، بل نستطيع أن نؤكد أنه ازداد في شهر رمضان، بعد أن انخفضت أسعار هذه البضائع فيما عدا عشرة أصناف فقط كانت منحوسة؛ لأن الناس ركزوا عليها بشكل أكبر، مثل «كوكا كولا» التي عوضت مبيعاتها في منتجات أخرى مماثلة!
بالطبع هذا الكلام لن يعجب بعض المسؤولين؛ ولكن ما كنا نتوقعه بعد قرار الحظر الذي أسعدنا هو ألا تكتفي الحكومة بإصدار قوائم بالمنتجات، وكأنها تقول: هذا كل ما يمكننا فعله؛ فلا قيمة لأي قرار طالما لا توجد متابعة لتنفيذه. كان بالإمكان وقف استيراد بضائع الصهاينة، وأن يطلب من التجار والوكلاء البحث عن بدائل لهذه المنتجات مقابل بعض التحفيز كالحسومات الضريبية، أو الإيعاز للمصنعين المحليين لاستغلال هذه الفرصة بإنتاج سلع بديلة تعود بالفائدة عليهم وعلى اقتصاد البلد.
هناك مشكلة أخرى تمثلت في التفاف الشركات «الإسرائيلية» على حركة المقاطعة بأن قامت بإنتاج سلع جديدة، وكنا نتوقع أيضاً أن تقوم جهات حكومية بمواجهة هذا الخداع مثلما فعلت بعض الدول والهيئات في الخارج، التي قامت بتحديث قوائم المنتجات المقاطعة...
دماء الفلسطينيين ما تزال تتدفق منذ 160 يوماً، وأموالنا أيضاً مستمرة في التدفق على «الإسرائيليين»، فهل يصح أن نظل ندعم كيان العدو بالمال ليستمر في قتل الفلسطينيين؟!
فلنفترض أن هناك شخصا شريرا يعادي ويحاصر أسرتك بمعونة أشرار آخرين، وكان لدى هذا العدو محلا تجاريا، فهل ستشتري أي شيء من هذا العدو وأنت تعلم أنه سيستعين بمالك ليعتدي على أسرتك؟! وما موقف أفراد الأسرة منك لو عرفوا أنك تشتري احتياجاتك من عدوك وعدوهم؟! فما بالنا لو كان هذا العدو قاتلا مجرما كالصهاينة، بل عدوا يتلذذ بتصوير هذه الجرائم ويفاخر بها؟! ما موقفك من جيرانك الذين يتفرجون عليه أو ممن يشاركون في حصارك؟!
وبالمثل، ماذا سيكون موقفك من الأشخاص الذين يقفون معك، ويخرجون ليعلنوا موقفهم المساند لمظلوميتك، ويقاطعون تجارة أعدائك، ويبذلون ما يستطيعون لدعمك أنت وأسرتك في وجه من يعتدي عليكم ويحاصركم؟! أرجو أن تكون الفكرة وصلت!
من هنا نرى أهمية أن نقاطع، وهذا الموقف موقف شريف ومسؤول وحر ويبعدنا عن سخط الله. وإن مشاركتنا في أي نشاط كالمظاهرات والدعم والمقاطعة الاقتصادية هو أقل ما يمكن أن نشارك به مع أهلنا في فلسطين حتى يأذن الله بالفرج والنصر.
* نقلا عن : لا ميديا