في الوقت الذي واصلت فيه قوات صنعاء البحرية تنفيذ المزيد من الهجمات العسكرية ضد القطع العسكرية الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر وخليج عدن، خلال الساعات الماضية، أفادت مصادر في العاصمة اليمنية بأن الولايات المتحدة لا تزال تعمل مع الفصائل الموالية للتحالف السعودي ـ الإماراتي على خطة لإشعال جبهات الداخل. وإذ تستهدف هذه الخطة إرباك حركة «أنصار الله» عسكرياً، وتشتيت قدراتها الهجومية البحرية، فهي دفعت بعدد من قادة الأخيرة إلى إطلاق تحذيرات لدول «التحالف» من مغبة التصعيد البرّي.وفي كلمته الأسبوعية، أكد قائد «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، أن «العدوان الأميركي - السعودي المستمر إلى الآن، هو ردة فعل على توجّه شعبنا التحرري». وكشف أن القوات المسلحة اليمنية تحضّر «لجولة رابعة من التصعيد إذا استمر تعنّت العدوّ الإسرائيلي ومعه الأميركي»، لافتاً إلى أن البحر الأحمر «يُعدّ بركة صغيرة بالنظر إلى اتساع المحيط الهندي، بينما الأعداء مذهولون من التطور المهم والمؤثر لعملياتنا في ذلك المحيط». وأشار إلى أن الصحف الأميركية والبريطانية تنقل عن خبراء وضباط وقادة تخوّفهم من القدرات اليمنية ومداها ودقّتها في الإصابة.
وحول غزة، أعلن أنه «إذا نجحت جولة المفاوضات حول تبادل الأسرى، وهدأ الوضع في غزة، فذلك لا يعني نهاية المعركة، بل اكتمال جولة من التصعيد». ورأى أن الأميركي يسعى تحت عنوان الرصيف العائم إلى أن «يكون له وللبريطاني حضور عسكري، كما يريد التحكم عبر الممر البحري بما يُقدّمه للشعب الفلسطيني في قطاع غزة من مساعدات، وله أطماع في الثروات». ولفت كذلك إلى أن النشاط الطالبي السلمي فضح السلطات الأميركية وأسقط زيف عناوينها لعدم تحمّلها إياه، مديناً تعامل تلك السلطات الهمجي مع المتظاهرين السلميين.
من جهتهما، أكد عضوا المكتب السياسي للحركة، علي القحوم، وحزام الأسد، عبر منصة «إكس»، أن صنعاء في جهوزية عالية لأيّ مواجهة، وأن المعركة التي أرادها الأميركي ستتحوّل إلى معركة ثأر لكلّ شهداء اليمن الذين قضوا خلال السنوات الماضية. وفي الاتجاه نفسه، قال عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد الحوثي، عبر المنصة ذاتها، إن «جهوزية قوات صنعاء أعلى بكثير مما يتوقّعه الأميركي، وإن مخزونها الاستراتيجي الرادع كمّاً ونوعاً أكبر من كل التوقعات»، محذّراً «دول التحالف من اللعب بالنار في اليمن».
بلينكن عرض على الرياض تفاصيل خطة التصعيد الأميركية، طالباً دعمها
وتتزامن هذه التحذيرات مع مؤشرات عسكرية على الأرض، تؤكد وجود نية أميركية للانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة البلاد إلى مربع الصراع، في إطار مساعي واشنطن لثني صنعاء عن التصعيد في البحر الأحمر. وقالت مصادر سياسية وأخرى عسكرية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عرض على الجانب السعودي خلال زيارته الأخيرة للرياض، تفاصيل خطة التصعيد الأميركية في اليمن، مطالباً المملكة بدعم تلك الخطة والإيعاز إلى حلفائها بالتجاوب معها. كما علمت «الأخبار»، من مصادر استخبارية، أن الولايات المتحدة تخلّت عن شروطها السابقة بشأن دعم الحكومة الموالية لـ»التحالف» عسكرياً، والمتمثّلة في إعادة دمج كل الفصائل المسلّحة الموجودة في المحافظات الخارجة عن سيطرة صنعاء، تحت قيادة وزارة الدفاع في عدن. وأوضحت المصادر أن «توجّه واشنطن الأخير يأتي مدفوعاً باتساع مخاوفها من تثبيت صنعاء معادلة بحرية جديدة في المحيط الهندي، بعد تصاعد عملياتها أخيراً فيه ضد السفن الإسرائيلية».
وأضافت أن الولايات المتحدة «لجأت جراء ذلك إلى خطة توزيع الأدوار العسكرية على أسس مناطقية»، مبيّنة أن «الأميركيين أسندوا إلى عضو المجلس الرئاسي في عدن، عبد الرحمن المحرمي، وهو قائد قوات العمالقة السلفية الجنوبية، قيادة المعركة مع قوات صنعاء في جبهات محافظات الضالع ولحج وأجزاء من تعز، بالتزامن مع فتح جبهات في البيضاء». وفي هذا الإطار، سُجلت عملية انتشار لقوات سلفية على نطاق واسع، منذ مطلع الأسبوع الجاري، على جبهات التماس الرابطة بين مناطق يافع الحد، التابعة لمحافظة لحج، وعدد من جبهات الزاهر في محافظة البيضاء. ووفقاً لخريطة توزيع الأدوار، رتّبت واشنطن عودة رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، من الرياض إلى مدينة مأرب، للإشراف على التصعيد على جبهات مأرب والجوف، بالتنسيق مع عضو المجلس، سلطان العرادة، والقيادات العسكرية الموالية لـ«حزب الإصلاح». كذلك، تم تكليف عضو «الرئاسي»، عثمان مجلي، وفق المصادر ذاتها، بالإشراف على الجبهات في مناطق التماس في صعدة وجبهة عبس الواقعة في إطار محافظة حجة الساحلية غرب الحديدة، وإسناد مهمة التصعيد العسكري على جبهات الساحل الغربي جنوب الحديدة إلى الفصائل المسلحة التي يقودها عضو «المجلس الرئاسي»، العميد طارق صالح.
إلى ذلك، شنّ الطيران الحربي الأميركي والبريطاني، أمس، خمس غارات جوية على مطار الحديدة، بعدما استهدف بسلسلة غارات منطقة الصيف الساحلية في المدينة نفسها الواقعة على البحر الأحمر. وجاءت هذه الغارات بعد تعرّض بوارج أميركية لهجمات عسكرية غير معلنة من قبل قوات صنعاء خلال اليومين الماضيين.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية