خمسُ طائرات مسيرة من نوع (إم كيو 9)، وكنموذج لفخر الصناعة الأمريكية للمسيرات كانت صيداً للدفاعات الجوية اليمنية منذ نوفمبر 2023م.
الملحوظ أن إجمالي الطائرات التي تم إسقاطها في اليمن وصل إلى حوالي 10 % من هذا النوع، حَيثُ تمتلك القوات الجوية الأمريكية ما يقارب من 90 طائرة.. فماذا يعني هذا؟
تكرارُ اصطيادِ طائرات MQ9، يمكنُ فهمُه أنه يعني تحييدَ القوات اليمنية لأهم أسلحة التجسس والرصد وحتى الاغتيالات، التي تستخدمها أمريكا للعدوان على اليمن؛ فطائرات MQ9 ليست درونات بسيطة؛ فهي تمثل العمود الفقري للأسطول الجوي الأمريكي بشكل عام، وأحد مرتكزات القوة الجوية؛ لما تمتلكه من خصائص وتقنيات متطورة.
وبمعنى أنها ضربة قوية للأمريكي؛ باعتبَار أن الأخير خسر أهم وأحدث طائرات الاستطلاع والتجسس وأخطر تكنولوجيا كان يعتمد عليها في شن اعتداءاته في المنطقة.
ومع هذا التحييد للعنصر القتالي الراصد الأكثر تطوراً وحداثة أمريكا؛ فهذا يشير في الجانب القتالي التسليحي لليمن إلى تطور القدرات الدفاعية اليمنية، وهنا الحديث يتركز على جانب القوات الجوية والدفاع الجوي لليمن؛ فإسقاط مثل هذه التقنيات من الطائرات المعقدة يعتبر إنجازًا كَبيراً يؤكّـد تطور منظومات أرض جو بالمعركة؛ كون هذه الطائرات تتمتع بأنظمة حماية متقدمة منها أنظمة التشويش والحرب الإلكترونية والقدرة على التخفي؛ لذلك تحييدها يؤكّـد أنها تدشّـن لمرحلة تطورت فيها الأنظمة الدفاعية بشكل أكبر يمكنها من وضع حَــدٍّ لانتهاك المجال الجوي اليمني، وفرض قيود تصل في مرحلة متقدمة إلى منع مرور طائرات تحالف العدوان الأمريكي البريطاني في أجواء اليمن.
واليوم، ومع هذا التطور متعدِّد الأوجه للسلاح اليمني؛ فقد بات هناك نقاشٌ واسعٌ حول قدرات اليمنيين الحالية في نطاق الدفاع الجوي، وكيف أمكن لهم تطويرُ قدرات الدفاع الجوي من حالة الضعف ليصبحوا في ستة أعوام مصدرَ خطرٍ كبيرًا بعد أن شكّل جانبُ القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر والقوات البحرية مصادرَ خوف حقيقيةً لدى الأمريكيين والغرب وعلى نحو مفاجئ.
وللتذكير أنه في نوفمبر قامت المدمّـرة الأمريكية “يو إس إس كارني” بإسقاط مسيَّرات يمنية كانت منطلقةً للأراضي الفلسطينية المحتلّة؛ فجاءت عملية إسقاط طائرة التجسس والرصد إم كيو ناين رداً على هذا الفعل، فقد عطَّلت العملية جانب الرصد المعلوماتي التي تزوِّدُ به هذه المسيَّرة المدمّـرة الأمريكية، وكانت هذه رسالةً قويةً للأمريكيين على قدرة القوات اليمنية في استهداف التواجد الأمريكي جواً وبحراً وبقوة.
صفقاتُ إم كيو 9:
وفي إطار تداعيات توالي إسقاط فخر صناعة المسيرات الأمريكية تحدثت وسائلُ إعلام هندية مؤخّراً أن نجاحَ القوات المسلحة اليمنية في إسقاط طائرات “إم كيو -9″ (MQ-9) الأمريكية بدون طيار بشكل متكرّر، جعل اليمن مقبرةً لهذا النوع من الطائرات، لافتة إلى أن ذلك يزيد ُالقلق في الهند من شراء هذا النوع من الطائرات لجيشها وقواتها البحرية.
ونشر موقع “إن بي تي” الإخباري الهندي تقريراً قال فيه: إن اليمن أصبح مقبرةً للطائرة الأمريكية بدون طيار (إم كيو -9 ريبر)” مُشيراً إلى أن الطائرة الأخيرة التي تم إسقاطها كانت هي السادسة من نوعها خلال عام.
وتحدث موقع “NBT” الهندي، عن نية الحكومة الهندية للتراجع عن شراء طائرات مسيّرة أمريكية؛ بسَببِ استهدافها من قبل الدفاعات الجوية اليمنية.
ووفقاً للموقع، فَــإنَّ الهند كانت قد وقَّعت على صفقة بقرابة مليار دولار لشراء ٣٠ طائرة نوع MQ9 من الولايات المتحدة لاستخدامها في ظل البيئة المتوترة مع الصين وباكستان، لكن الطريقة التي يقوم بها اليمنيون في إسقاط هذا النوع من الطائرات تثير القلق، في إشارة إلى احتمالية فشل الصفقة.
يُذْكَرُ أن القوات المسلحة اليمنية تمكّنت من إسقاط 9 طائرات (إم كيو 9) الأمريكية المتطورة، خمس منها منذ بدء عملية الفتح الموعود والجهاد المقدس نصرة لغزة، والأربع الأخريات خلال سنوات العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن.
فبعد شهر واحد من بدء معركة (طوفان الأقصى)، وفي عملية هي الأولى من نوعها خارج البر اليمني أسقطت القوات الجوية اليمنية في الثامن من نوفمبر 2023 طائرة التجسس الأمريكية “إم كيو 9” خلال قيامها بأعمال عدائية ورصد وتجسس في “أجواء المياه الإقليمية اليمنية” في إطار حماية واشنطن لكيان العدوّ الصهيوني، وضمن الدعم العسكري المقدم للكيان.
وفي 19 من فبراير الفائت أعلنت القواتُ المسلحة عن إسقاط الطائرةَ الأمريكية َ “MQ9″ في أجواء محافظةِ الحديدة، كما نجحت قوات الدفاع الجوي في الـ 26 Yبريل الفائت في إسقاط طائرة أمريكية من ذات النوع أثناء قيامها بتنفيذ مهام عدائية في أجواء محافظة صعدة. وأُخرى بالبيضاء.
إم كيو 9 في سنوات العدوان:
ويعود مسلسلُ إسقاط طائرات التجسس المقاتلة من نوع “إم كيو 9” إلى قبل 7 أعوام، تحديداً في الأول من أُكتوبر 2017 عندما أسقطت دفاعات الجو اليمنية أولى طائرات من هذا الطراز خلال قيامها بأعمال عدائية في أجواء العاصمة صنعاء، وبُثت مشاهد إسقاط هذه الطائرة، وحينها شكل هذا الإنجاز العسكري اليمني صدمة لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ؛ لتتقلَّصَ بعدها عملياتُ هذا النوع من الطائرات مع زيادة توالي عمليات الإسقاط لها في الأجواء اليمنية.
وخلال سنوات العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن أَيْـضاً، وفي شهر يونيو 2019 تم إسقاطُ طائرة ثانية من هذا النوع في أجواء محافظة الحديدة الساحلية، وفي شهر أغسطُس من العام ذاته، تم إسقاط طائرة ثالثة في محافظة ذمار (وسط) البلاد، وفي شهر مارس من العام 2021 تم إسقاط طائرة الدرون الأمريكية الرابعة من ذات الطراز في محافظة مأرب.
وبتجاوز اليمن لـ (MQ-9) الأمريكية يتقلَّصُ فارقُ التفوُّق الجوي بين صنعاء وواشنطن والتي اعتمدت الأخيرة عليها في خوض حروبها حول العالم؛ وهذا ما يشيرُ بوضوح إلى أن صنعاء ستخطو خطواتٍ إضافيةً لإسقاط المقاتلات الأمريكية الأكثر تطوراً، والحديث عن إف ١٦ التي يقاربُ ارتفاعَ تحليقها تحليقَ مسيرة إم كيو ناين، وُصُـولاً إلى استهداف طائرات إف ٣٥، وبالتالي حماية الأجواء والأرض اليمنية تماماً من أي انتهاك، أَو اعتداء خارجي؛ ما يفقد الغرب بزعامة أمريكا ورقة رابحة طالما استخدمها لضرب واحتلال البلدان وإخضاعها لهيمنته، وهذا ما يبدو أن اليمن مصمِّمة على تخطِّيه.
ومن باب التأكيدِ على نجاعةِ الدفاعات الجوية اليمنية اليوم، يقول موقعُ في كي الروسي “راديو سفبودنفا فامول جوتا” إنه “حان الوقت لشراء الدفاعات الجوية للقوات المسلحة اليمنية”.
ويبقى هذا جزءًا من طموح المستقبل العسكري لليمن.
صحيفة المسيرة: إبراهيم العنسي