بعد الفشل الكبير الذي حصده ما سمي التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية في اليمن، شهدت المملكة في الأسبوع الأول من العام الجديد 2020، توقيع ميثاق لتأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن.
المجلس الذي يضم بحسب الإعلان السعودي 8 دول عربية وأفريقية هي السعودية ومصر والأردن والسودان واليمن وإريتريا والصومال وجيبوتي، ويتخذ من الرياض مقراً له، يأتي في ظل تصاعد موجة الغضب في وجه السياسات الإسرائيلية والأمريكية والسعودية، والإخفاقات المتواصلة والفشل الذريع للمحور السعودي الأمريكي في كل من اليمن والعراق وسوريا ولبنان، لاسيما بعد مرور 5 سنوات من العدوان على اليمن دون تحقيق أي إنجاز يذكر.
وزير الخارجية السعودي قال إن المجلس سيعمل على حفظ المصالح المشتركة ومواجهة جميع المخاطر! فهل سيقوم هذا التحالف على أنقاض تحالف العدوان على اليمن؟ أم أنه سيكون البديل لما بعد إعلان تحالف السعودية وقف العدوان والحصار؟ أم سيكون تحالفاً خصوصاً في مرحلة ما بعد الحرب لحماية تل أبيب من الخطر القادم إليها من اليمن؟ هذا إذا أخذنا الأمر من منظور يمني.
أما إذا أخذنا الأمر من منظور إقليمي أوسع، فحماية البحر الأحمر ومنع تهريب الأسلحة الإيرانية كان عنواناً بارزاً خلال الإعلان عن تأسيس هذا الحلف، وهذا يوحي ربما أن الكيان الإسرائيلي سيستعين بهذا التحالف الذي تتولى الرياض قيادته لاستكمال المهمة الموكلة إليها بضرب المقاومة «قوة القدس في المنطقة تحديداً»، وتقييد مقدراتها العسكرية تحت دعاوى منع تهريب الأسلحة وحماية التجارة العالمية وممراتها وتكرار تلك «السماجات» التي اعتدنا على سماعها منذ انطلاق «تحالف عاصفة الحزم» العام 2015...
أي تحالف يبنى على المواجهة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويتعامل مع كيان العدو الإسرائيلي كصديق وحليف، يعد مشروعاً أمريكياً صهيونياً بامتياز، حتى وإن كان الاعلان عنه من المستعمرة الامريكية المسماة بلاد الحرمين الشريفين، وهل من المنطق أن تتحرك 8 دول إذا حسبنا جمهورية «فندق الدنبوع» «دولة» لمواجهة التهديدات الإيرانية في البحر الأحمر، دون الحديث عن الخطر الإسرائيلي الداهم، والعالم أجمع يعرف الدور الإسرائيلي الاستخباراتي والأمني للهيمنة على هذا الممر البحري الحساس، إن الهدف الرئيسي من كل ذلك ما هو إلا تضييق الخناق على دول المقاومة وقطع الطريق أمام مشروع الأمة الإسلامية الواحدة المتفقة على مواجهة الامبريالية ومناهضة الاستكبار وتحرير فلسطين.
كل هذه التوقعات في حال كان هذا التحالف حقيقياً، أما إذا كان على شاكلة «التحالف العربي» الذي بدأ بـ16 دولة، وانتهى به المطاف بالسعودية والإمارات وجيشهما الفرار، فلن يكون سوى ظاهرة صوتية و»بروباغندا» إعلامية، كما تستحضرني هنا تجربة السعودية مع ما سمي «التحالف الإسلامي» الذي أعلنت عن تأسيسه بمشاركة 41 دولة، أواخر 2015، لمحاربة الإرهاب، وعملت حوله «زيطة وزمبليطة» والدنيا عوافي لا تحالف ولا إسلامي ولا هم حق مواجهة إرهاب، هم وسيدتهم أمريكا من صنعوه وأوجدوه ودعموه وساندوه واستخدموه لتحقيق مصالحهم.
* نقلا عن #لا_ميديا