من أعظمِ الجهود التي نرى أهميتَها في إطار الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؛ ومن أجل حصولِ التغيير من واقع الأُمَّــة والنهوض بها إلى الأفضل هو:
أهميّةُ إعادة النظر في كُـلّ المصنَّفات والمؤلفات التي كُتبت في سيرة رسول الله، وفيها:
– من الأخطاء والانحرافات ما لا يستقيمُ مع كونه رسولَ الله وأعظمَ الخلق وأزكاهم، وفي موقعِ القُدوة والقيادة التي لن تتكرّر.
– إلى جانب القصور وعدمِ الشمول في ما كُتب عنه صلى الله عليه وآله وسلم وهو صحيحٌ، فقُــدِّمَ رسولُ الله من خلال هذا العمل كشخصية لا ترقى إلى المستوى والمكانة العالية كرسول.
* كيف يكون الانتصار في هذا الشأن؟!
هناك جانبان مهمان، بالإمْكَان أن تُبذَلَ فيهما الجهود؛ مِن أجلِ إبرازِ الحقائق الدامغة:
الجانبُ الأول:
كشفُ الانحرافات والأخطاء الواردة في مختلف الكتب المشتهرة من كتب تأريخية وسِيَرٍ، وحديث، وَ… وإبراز جوانب القصور والخلل في ما صاحَبَ بعضَ المواضيع، وهو من الصحيح الذي ترتبت عليه آثارٌ سلبية كذلك؛ بسَببِ التناول القاصر.
ومن أجل الوصول إلى المطلوب بشكل صحيح وناجح، لا بُـدَّ من مراعاةِ الضوابط المهمة في النقد والتقييم، والتركيز على الأَسَاسيات وعدمِ الخوض في التفاصيل الهامشية، وأن يكونَ المقصد من وراء هذا العمل هو كشف ما قُـــدِّمَ على أنه حقائقُ صحيحة، وهو ليس كذلك، فكان سبباً في زهد الأُمَّــة بنبيها وعدم الاقتدَاء الصحيح به، وسبباً في تخلفها وتطاول عدوها عليها في دينها ونبيها وَ…!
وهنا لا بُـدَّ أن تبذل الجهود بالقدر اللازم والوقت المناسب دون الاستغراق والانصراف الكامل.
الجانبُ الثاني:
بذلُ الجهود الكبيرة من العلماء الربَّانيين والمتخصصين والمعتبَرين من مختلف المجالات، وهنا أمورٌ مهمة:
١- أن يكون هذا العمل – على مستوى المثال عندنا في اليمن – بطابع رسمي، يكون التكليفُ فيه أولاً من قبل الجهات المعنية في الدولة، حَيثُ تقومُ بتشكيل اللجان المناسبة بهذا الخصوص حتى لا تكونَ هناك فوضىً فكريةٌ، ولا تتحقّقُ الثمارُ المنشودة.
٢- يستندُ هذا التوجُّـهُ على ما تقرّر ويتقرّر على الدوام من أهميّة ربط الأُمَّــة بنبيها، وأن لا تكونَ مناسبةُ المولد النبوي الشريف مُجَـرَّدَ مناسبة عابرة، وإن كانت ذات قيمة ومكانة بلا شك، بل لا بُـدَّ أن يترافقَ مع ما يُبذَلُ في هذا الجانب أمورٌ بحثية وعلمية يستفادُ منها في مسيرة التغيير والنهوض الشامل على مستوى بلادنا، وتكون مصدرَ إلهام واستعادة للأُمَّـة كلها.
٣- الهدف في هذا الجانب:
إبرازُ شخصية رسول الله -صلى اللهُ عليه وآله وصحبه وسلم- كما تحدث عنه اللهُ الذي أرسله بالهدى ودينِ الحق، وبكل ما ذكره فيه من صفاتٍ ومحامدَ كبيرةٍ وعظيمة كرسولٍ لرب العالمين وللناس أجمعين، وأن يكونَ التناولُ لسيرته تناولًا واعيًا شموليًّا لكل ما يتعلق بشؤون الدين وَالدنيا وعمارة الحياة، فتكونُ كُـلُّ المخرجات في هذا صحيحةً ويستفادُ منها عمليًّا في واقع العمل.
٤- وحتى يُكتَبُ النجاحُ لهذا المسار وتحصلُ القدرةُ على ربط كُـلّ ما يتصلُ بسيرة رسول الله بالواقع اليوم وحال الأُمَّــة، وكيف يمكن التخلص مما تعانيه من أوضاع من خلال طرق ومعالجات ذات جدوى وتأثير.
لا بد من اعتمادِ القرآن الكريم مصدراً أَسَاساً للتعرُّف على رسول الله وتسليطِ الضوء على شخصيته وسيرته على ضوء القرآن، ولا يمنعُ بعد ذلك من الاستفادة مما صح في كتب التأريخ والسيَر والحديث من مرويات متواترة معتبَرة، لا تتصادَمُ مع ما قرّره القرآنُ عن رسول الله، وتنسجمُ الانسجامَ الكاملَ مع الصورة الأروع والأسمى التي منحه اللهُ إياها، وهي في مجملها تنسجمُ مع روعة وجمالية الدين الذي ارتضاه اللهُ لعباده، وأرسل رسولَه محمداً عليه الصلاة والسلام لتبليغه، ورتَّب عليه الفوزَ والفلاحَ في الدارين.