|
الاستعمار في حلَّته الجديدة..!!!
بقلم/ د.سامي عطا
نشر منذ: 3 سنوات و 8 أشهر و 9 أيام السبت 13 مارس - آذار 2021 07:42 م
لقد تميَّزت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى وقيام ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا حيث مثَّلت بداية النهوض التحرري للشعوب الرازحة تحت الاستعمار بكل أشكاله وأصنافه، تحرر خلالها اليمن من تحت الاحتلال العثماني عام 1918م، وإن ظل جنوبه تحت الاحتلال البريطاني، وبعد الحرب العالمية الثانية تعاظمت وتيرة نضال الشعوب في غير بلد من أجل التحرر من نير الاستعمار، وتعاظمت حركات التحرر العالمية في نهاية الخمسينيات وطول عقد الستينيات وحتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وشهدت تلك المرحلة خروج الاستعمار ونيل كثير من البلدان استقلالها، بعضها حاز على استقلال كامل والبعض الآخر حاز على استقلال وطني لكنه لم يكن ناجزا وظل يدور في فلك المستعمر القديم اقتصاديا وجر هذه البلدان إلى تبعية اقتصادية أخذت تستفحل أكثر فأكثر وتحوَّلت من دول مستقلة إلى دول تابعة ومرتهنة اقتصاديا، أي تحولت إلى دول طرفيه تخدم أجندات الدول الاستعمارية.
ولقد كانت اليمن إحدى هذه الدول التي فقدت استقلالها وصارت دولة تابعة ومرتهنة، لكن الأنكى في وضع اليمن أنها حالة فريدة، فقد أضحت تابعة لتابع، ودولة هامشية أو دولة طرفية لعدد من دول الإقليم الطرفية تتقاذف مصيرها مراكز قوى داخلية، كل مركز منها يتبع دولة من دول الإقليم الطرفية، وكل مركز يريد أن يجر الدولة من أجل تحقيق مصالح الدولة التي يتبعها ويعمل من أجل تحقيق أجندتها.
ولذا باتت مراكز القوى الداخلية تسعى إلى إعادة الاستعمار القديم عبر مراكز قوى محلية تدين بالولاء لدول الإقليم التي تقوم بدور الاستعمار بالوكالة، وستجدون بانوراما هذه الحرب العدوانية تفصح عن تعدَّد وجوه الاستعمار الذي شهدته هذه الأرض قبل استقلالها الوطني، الاحتلال البريطاني والتركي ” العثماني”، لا بل حضر الاحتلال الصهيوأمريكي والفرنسي أيضا، ولولا هذه القوى المحلية المهزومة والمأزومة والتي فشلت في مشاريعها التي طرحتها إثر نيل بلدنا للاستقلال الوطني باتت هي من تجر هذا البلد إلى العودة مرة أخرى إلى أحضان الاستعمار، لا بل الأفظع من ذلك أنها قوى تجر إلى تقسيم البلد كعكة على عدة قوى استعمارية، ما يعني إقامة دويلات مصطنعة فوق الأرض اليمنية.
النوع الطبيعي للتجمعات البشرية يكون بإقامة كيانات سياسية مستقلة، ولا يمكن قيام كيان سياسي ” دولة “قابلة للبقاء والديمومة وتحفظ وجود الناس فيها من خلال إرادات مرتهنة، والإرادات المرتهنة لا تؤسس إلاّ لكيانات طارئة تنتهي بانتهاء شروط نشأتها. |
|
|