كان يحدثني بكل اندهاش عن مظفر النوَّاب، ويشيد به كثيراً، وحين سألته عن قصيدة "ما زالت عورة عمرو بن العاص معاصرةً وتقبِّح وجه التاريخ"، قطَّب وجهه وتمنى لو أنه يخلع ثوبه ليستر هذه العورة المكشوفة منذ ألف وأربعمائة عام.
قال لي إن مظفر النواب كان يتجنَّى على عمرو بن العاص، فتذكرتُ قول أبي فراس الحمداني، في قصيدة "أراك عصيَّ الدمع": ولا خير في ردِّ الردى بمذلَّةٍ... كما ردَّها يوماً بسوءته عمرو.
لم يكن يدري ما سبب انكشاف هذه السوءة في يوم صفين. هذه السوءة التي صدَّت سيف علي بن أبي طالب، فقد كان هذا هو دهاء عمرو بن العاص، وكانت هذه هي بديهته في مثل هكذا مواقف. وقد رأى عمرو بن العاص معاوية يومها يضحك، فقال مم تضحك يا معاوية؟ قال: أضحك من حضور ذهنك عند إبدائك سوءتك يوم ابن أبي طالب، أما والله لقد وافقته مناناً كريماً، ولو شاء أن يقتلك لقتلك.
هكذا هم في كل زمان ومكان، لا يمتلكون حجة دامغة، يتلقّفون كل معارفهم من أفواه مشايخهم ومن أشرطة الكاسيت المليئة بالمحاضرات والإرهاب المغلَّف والظاهر.
ما زلت أتذكر خطبة من خطب عبدالله صعتر، كان اسم الخطبة “غزوة بدر الكبرى”، تحدث فيها عن الشيعة، وكان يقسم بالأيمان المغلظة، وهو واقف على المنبر، أنهم أخبث وأخطر من اليهود. ولا أدري ما هو القاسم المشترك الذي يجمع الشيعة باليهود ويجعلهم أكثر خطراً!! مع أن أخطر اليهود وأكبر الديكتاتوريين في العالم لم يصدر فتوى بإبادة أربعة وعشرين مليون مواطن كما فعل صعتر.
صعتر يقيم الآن في فنادق الرياض لتأييد وشرعنة العدوان على اليمن، وقد قال ذات مرة في لقاء تلفزيوني: “إن عاصفة الحزم جاءت بأمر الله”!! وأطلق فتوى بعدم جواز تسمية ما يحدث على أنه عدوان!!
لا أحد يدري كيف جاءت عاصفة الحزم بأمر الله، وكيف عرف صعتر بهذا الأمر الإلهي؟
هل كان يقصد أن الله أمر سلمان بن عبدالعزيز بتدمير اليمن؟
وحين نعود إلى عمرو بن العاص، نجده أشرف من هؤلاء المرتزقة، فقد كان واضحاً في أخلاقه، وكان يعرف أن علي هو كل الحق، وأن معاوية هو كل الباطل.
* نقلا عن : لا ميديا