حينما يكون الوعيُ المواجِهُ للمخطّطات كاملَ التشخيص وَراسخاً وثابتاً، فَـإنَّ إجراءات العدوّ وتحَرّكاته وأجندته المتقلبة وتوصيفاته المتعددة وتموضعاته المختلفة تصبح في نظر هذا الوعي مُجَـرَّدَ ذرٍّ للرماد على العيون، لا تحقّق في أهدافها الإرباكُ أَو تتغيرُ بموجبها القناعات.
على هذه القاعدة تعاطى الشعبُ اليمني مع مشاورات الرياض ومخرجاتها، وقبل أن تصدُرَ الخطاباتُ والبيانات الرسمية من صنعاءَ عن موقفها مما حدث ويحدث، وتوضيح الأهداف والأجندة التي دفعت إلى هذه التغييرات التي أراد من خلالها تحالفُ العدوان أن يُصدِّرَها للداخل اليمني والعالم، كان الشعبُ اليمني بقواه السياسية وناشطيه وشارعه قد أصدر حُكمَه وموقفَه من هذا المجلس، وَعلى إثر ذلك دشّـن شعبُنا مشوارَ الفشل المبكِّر لهذه التشكيلة المدوَّرة من الأدوات المستهلكة، وَامتلأت مواقعُ التواصل بعباراتِ السُّخرية والتهكُّمِ عَمَّا وصل إليه حالُ هذا الخليط من تحالف عدواني ومرتزِقة.
لم يكن الموقفُ للمجلس السياسي في صنعاء إلَّا إعادةً لصياغة الموقف الشعبي بعبارات السياسة ولُغة التخاطب الدبلوماسي، وحين يتناغمُ الموقفُ الشعبي مع الخطاب الرسمي فهذا يعني أن الشرعيةَ كاملةً بكافة معانيها، وأن الكلمة الفصل هي للشعب وَقيادته الوطنية وقواه الحرة، وبأن لا شرعيةَ للغازي وأدواته لا من قبل وَلا من بعد.
بالمقابل نرثى لحالِ مَن لا يزالُ يعلِّقُ آمالَه بحبل الأماني الواهية، ويوهم نفسَه بأن ثمة تغيراتٍ قد ترافق أيَّ تغيير في الأسماء أَو الصفات في معسكر الأدوات، أَو يتبادرُ إلى ذهنه أن هناك بصيصَ أمل قد يأتي من إعادة تدوير مخلفات فاسدة.
هذه الحالاتُ تعيشُ في هامِشِ المتغيرات والتحولات، تقزَّمُ وعيُها وفكرُها، فأخطأت التقدير، وباتت ترى الوطنَ والمستقبل من خلال ثقب إبرة!