شيرين أبو عاقلة، إعلامية فلسطينية سقطت شهيدةً برصاص الصهاينة، فانقسم الناس في الوطن العربي بين مترحِّم، وبين معارض للترحم عليها، بحجة أن الترحم لا يكون على غير المسلم، مع أننا نعرف أن الكثير من المسلمين لا تجوز عليهم الرحمة لما نراه من أفعالهم التي لا تمت للإسلام بصلة.
ينهون عن الترحُّم عليها رغم أنها لم تقتل عن طريق الخطأ، بل استشهدت وهي تغطي عملية اقتحام مخيم جنين، فصوَّب جنود الاحتلال الرصاصة إلى رأسها متعمدين قتلها، كما هي عادتهم في قتل المئات من الفلسطينيين.
بدلاً من أن ننصب أنفسنا قضاة وناطقين باسم الله، لو نترحم على أنفسنا فذلك أفضل من منع الترحم عن الآخرين، لأن الجنة والنار حق الله، ولا يحق للإنسان أن يتدخل في مشيئة الله وفي عمله.
ولا يمنع أن نقول «الله يرحمها»، وقد صارت بين يديه، إن شاء أن يرحمها أو يعذبها فهذا من اختصاصه وحده منذ خمسة وعشرين عاماً وهي تنقل لنا فظائع الاحتلال الصهيوني وإجرامه، رغم أنها تستطيع العيش في دولة أوروبية كبعض الفلسطينيين، وهي تمتلك جنسية أخرى، لكنها فضلت البقاء في القدس لأنه قضيتها وقضية كل فلسطيني، أياً كان معتقده. ولا يخفى على المتابع أن قناة الجزيرة، التي كانت تعمل بها شيرين، تستثمر قضيتها لجذب المشاهدين لأغراض إعلانية وسياسية، كما استثمرت دماء جمال خاشقجي من قبل.
من يمنعون الترحم عليها لا يدركون أنهم يخدمون الاحتلال «الإسرائيلي» بالوقوف ضد التعاطف معها، وضد الحديث عنها، وكأن مفاتيح الجنة والنار بأيديهم.
في فلسطين ولبنان والعراق تتعايش كل الطوائف، وفي حزب الله جنود مسيحيون يقاتلون «إسرائيل» دفاعاً عن لبنان، لأن الهوية هنا ترتبط بالوطن أكثر من ارتباطها بالدين، لأن الوطن وطن الجميع.
تعاطف العالم مع شيرين أبو عاقلة، دون أن يسأل عن دينها، لأنها قتلت مغدورة ومظلومة، وكل مغدور شهيد.
تم إعلان وفاة خليفة بن زايد، رئيس الإمارات، في اليوم الذي دفنت فيه شيرين أبو عاقلة، لكن هذا الخبر لم يهتم به سوى القنوات الإماراتية فقط، وتمت الصلاة عليه ودفنه سراً، دون تصوير لمراسم الجنازة والدفن، كأنهم اختاروا هذا اليوم لإعلان وفاته كي لا ينتبه أحد أنه غائب أو مخفيّ منذ سنوات، ومع ذلك انطلقت الكثير من الألسن بالترحم عليه، لأنه مسلم فقط، رغم أنه تسبب بقتل الآلاف من الأطفال والنساء في عدوانهم على اليمن.
* نقلا عن : لا ميديا