كان الأسبوع الماضي –كغيره- غاية في القسوة على اليمن. أوجعتنا صور الناجين من القصف أكثر من صور الذين سُلبت أرواحهم.
عاد لذاكرتي مشهد الطفلة الغزاوية هدى، التي خرجت لشاطىء بيت لاهيا في نزهة مع عائلتها، لينتهي بها الأمر في نشرة الأخبار تبكي وتصرخ قرب جثث أخواتها ووالدها الذين فقدتهم أثر غارة صهيونية. عادت صور مجزرة شاطىء غزة لذاكرتي وأنا أتابع قصة الطفلة اليمنية بثينة عبر قناة الجزيرة.
حاولت الطفلة وهي الناجية الوحيدة من قصف التحالف الذي أودى بحياة جميع أفراد أسرتها بما عُرف باسم مجزرة عطان صنعاء، حاولت بأصابعها الصغيرة الرفيعة فتح عينيها المتورمتين وهي تتحدث للمذيع عن لحظة سقوط الصاروخ على العمارة السكنية التي تقطنها وعائلتها. أوجعت قلوبنا صور بثينة، ومحاولاتها غير المجدية لفتح عينيها لرؤية المذيع.
قامت قناة “العربية الحدث” بنقل تصريح المتحدث باسم التحالف تركي المالكي الذي أكد مسؤولية التحالف عن قصف منطقة سكنية في عطان عازياً الحادث لخطأ تقني، الأمر الذي أدى لإستشهاد أكثر من سبعة عشر مدنياً من بينهم عائلة بأكملها نجت الطفلة بثينة منها، واصفاً الحادث بالعرضي، ومبدياً “أسفه” لوقوع أضراراً جانبية!
لا أفهم كيف يمكن أن نشرح لهذه الطفلة بأن عائلتها بأسرها ليست سوى ضرراً جانبياً بالنسبة للروايات الرسمية؟ ما ذنب بثينة وملايين أطفال اليمن بالإقتتالات الطائفية والصراع على السلطة؟ كنت أتمنى لو أتابع تقريراً خفيفاً يتحدث عن أجواء العيد في اليمن، وخروج الأطفال لشراء ملابس جديدة، واللعب في الشارع. لا أن أرى جثثهم تتطاير يومياً في حوادث “عرضية”.