في تجربة جديدة صدر ديوان (أناجيل) كديوان مشترك للشعراء: (أحلام شرف الدين، أميرة الكولي، حسن المرتضى، ومحمد عبد القدوس) في طبعته الأولى عن (دار الطباعة).
ولعل أناجيل لا يكفي التعبير عنه بالتجربة الجديدة إذ أنه قد سار إلى ما هو أبعد من ذلك مبشراً بمدرسة شعرية جديدة وراسماً ملامحها الأولى كمدرسةٍ متصالحة مع كافة المدارس الشعرية لتأتي قصيدة التعميدة وهي الشكل أو النهج الشعري الجديد الذي جاء شعراء أناجيل ليبشروا به لتمزح بين القصيدة العمودية والتفعيلة وقصيدة النثر في قصيدة واحدة تعبر عن نهج التعميدة الشعري لكنها لا تكتفي بفكرة المزح إذ أنها تحمل مشروعها الخاص والذي به تضع هذه القصيدة بصمتها الإبداعية وتأتي بالإضافة المرجوة منها وهذه الإضافة التي تتكون من محورين كما يعبر عنها الشعراء في مقدمة ديوانهم (أناجيل) عن نهج التعميدة الشعري بقولهم في المحور الأول أنه: "مشتق من العمود والتفعيلة حين يدوّرا ويكوّنا وزناً جديدا في إطار التفعيلات الخليلية أو المزج بين تفعيلات كـ (فاعلاتن فعولن) مثلا أو كالمزج بين تفعيلات خماسية وسباعية لا تلتزم الدوائر الخمس التي توزع فيها ستة عشر بحراً معهوداً في علم العروض"
ويقول الشعراء عن هذا النهج الشعري (التعميدة) في المحور الثاني:" أنه يدل على تعميد الشعر بعضه ببعض فالنثر يعمد العمود، يعمد التفعيلة، يعمد التدوير داخل العمود ويعمد التعميد بكل أشكاله آخذاً من المصطلح المسيحي والصوفي لمعنى التعميد فالمسيحيون يعمدون بالماء، والمتصوفة يعمدون بالوشاح الأخضر"
إن محاولات السطور القليلة لتناول (أناجيل) لن تكون كافية للإحاطة بالتجربة الإبداعية الشجاعة التي جاء بها شعراء أناجيل الأربعة والتي يتوقع أن تخضع للكثير من البحث والنقد وردود الفعل المختلفة للنقاد والشعراء والمهتمين بالأدب، إنها لحظة ولادة مزدوجة لمدرسة شعرية حديثة وتجربة شعرية وهو ما يجعل مقام هذه السطور ضيق عن الإلمام بها وهذا ما يؤكده الشاعر اليمني الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح الذي تولى مهمة تقديم الديوان بقوله : "لا أشك أن هذه التجربة التي ستكون موضع اهتمام من قراء الشعر ونقاده ليس في بلادنا فحسب، بل وعلى مستوى الوطن العربي، وأنها بداية لتأسيس أفق جمالي غير مسبوق سواء من منظور التشكيل أو الدلالة أو طريقة توليد التصور، وما تكشفه القراءة الممعنة من علاقة تكاملية فيما بينها جميعاً ومن عناصر مشتركة فيبدو أكثر وضوحاً في استخدام التناص المستوحى من الكتب الدينية "
وبالعودة إلى مسألة تصالح نهج التعميدة الشعري مع المدارس الشعرية الأخرى فإن هذا التصالح لا يقتصر على هذا الجانب فقط فهذه المدرسة متصالحة كما يبدو في أناجيل مع الأديان وكل القيم الإنسانية التي انتصرت للحرية والسلام والعدالة وهو ما نجده في العناوين الفرعية لقصائد أناجيل في استخدامها للشخصيات التي أسهمت في صناعة الحياة المقترنة بالقيم الإنسانية الجميلة سواء من أنبياء أو نساء كن خلف نجاح العديد من الشخصيات وأحيانا في مقدمة النضال الإنساني من أجل الكرامة والعدالة والقبول بالآخر.
في الختام فهذه المدرسة الشعرية الجديدة التي نتوقع أن تشعل ثورة شعرية تنهي الركود الزمني لخلو الشعر من التجديد، تنأى بنفسها عن الدخول في الصراع مع المدارس الأخرى ولا تبحث عن إقصاء الآخر فهي كما سبق في السطور هذه متصالحة مع الجميع منتصرة للشعر كله بل وتنتصر للسلام الإنساني على هذه الأرض.
* نقلا عن : المسيرة نت