أمريكا خدعت الشعوبَ العربية، وأوهمتهم بأن الثوراتِ مُجَــرّد مظاهرات واعتصامات عشوائية، فصدّق البعضُ أن مبارك وبن علي سقطا في مصر وتونس؛ بسَببِ المظاهرات، رغم أن الأنظمةَ العربيةَ لا تخشى المظاهراتِ ولديها تجاربُ دموية في قمع المتظاهرين والمعارضين، وكان الواقع يقول: إن سقوطهما؛ بسَببِ إدراكهما أن الحماية الخارجية لهما قد انتهت وأن الإرادَة الخارجية التي جاءت بهما لديها توجهٌ جديدٌ في الشرق الأوسط..
بهذه الخديعة تحولت الشعوب العربية إلى غطاء للمُخَطّطات الأمريكية، فخرجت تلك الشعوبُ بدون قيادة وبدون خطة وبدون مشروع سوى النوم في خيام الاعتصام، فيما السفاراتُ الأمريكية تعملُ وتخطط وتنفّــذ، وإلا لماذا تشجع المصريون وثاروا على نظام مبارك البوليسي وفقدوا شجاعتَهم أمام قمع السيسي؟ هل الموت بنيران مبارك يختلف عن الموت بنيران السيسي؟ أم أن الواقع يقول إن السيسي يحظى برعاية أمريكية كالتي كانت لدى مبارك قبل التخلي عنه في 2011؟
ظلت أمريكا وأتباعَها بآلتهم الإعلامية الأضخم في العالم تشوّهُ أيَّ فعل ثوري لا تسيطر عليه واشنطن؛ ولذلك كان الهجومُ والتشويهُ يطالُ ثورة 21 سبتمبر بقيادة أنصار الله سواء الثورة الشعبيّة السلمية (المظاهرات الضخمة) أَو التحَــرّكات العسكريّة عبر اللجان الشعبيّة، كُـــلّ ذلك كان مرفوضاً أمريكياً؛ لأَنَّها ثورة لا تُديرُها المخابراتُ الأمريكية..
قالوا عن ثورة 21 سبتمبر بأنها انقلابٌ عسكريّ، لكن غزو الناتو ليبيا كان عندهم ثورةٌ وانقلابُ السيسي على أول رئيس مصري منتخَب اعتبروه ثورةً أيضاً.. وغزو سوريا بمئات آلاف الأجانب كان عندهم ثورة، لكن الثورة اليمنية ظلت انقلاباً بالنسبة لهم..
اليوم في السودان والجزائر يمضي الشعبان (لحد الآن) في نفس الطريق ويشربان (المقلبَ الأمريكي) رغم كُـــلّ هذه الشواهد الحية..
إن كُـــلّ ذلك يؤكّــد أن الثورة الحقيقية هي ثورة 21 سبتمبر بدليل أن طواغيت العالم يحاربونها عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا وبكل الوسائل؛ لأَنَّها كانت ثورةً خارج توقعات وإرادَة الأمريكيين والإسرائيليين.