بعدَ ثمانيةِ أعوامٍ من التضحيات، ثَمَّةَ منهجٌ وتحَرُّكٌ يثمِرُ معجزاتٍ، وَيتجاوَزُ التنظيرَ إلى الواقع ونراه بأُمِّ الأعين، ومسألة الحفاظ عليه وَتعزيزه تستند على بقاء هذا الموقف كعقيدةٍ وَسلوك، لا مُجَـرّد ضربِ أمثلة على قارعة المنجزات التي تحقّقت، فالقائد العلم كان ولا يزال يستحث في رجال دولته هذا الهم الثقيل، وَيعلو صوت نصائحه على صوت ثنائه وَإشادته، المسألة مهمة إذن، والتحديات جسيمة وَالمعترك لا يزال في منتصف الطريق، والتعثر قد يكون موجعاً وأليماً إن مضينا بعمى في دروب التفريط ننشُدُ المكاسب وَنتبع الأهواء، حتى ونحن نتلو مجازاً على قبور الأنقياء بأننا على دربهم ماضون.
فالمضي على دربهم ليس مناسبة ترفع أَو عبارات تتلى وقصائد تتغنى وحسب، أنه تقمص وجداني وسلوكي كفيل إن اتبعناه دون رياء أَو تَـذَاكٍ، بأن نستمرَّ في حصاد المكاسب وَاجتراح الانتصارات.
والتاريخ لن يقيم صروحاً لخطاباتنا وأقوالنا.. إن لم نقيمْ فعلاً صُرُوحَ النصر بعقولنا وَقلوبنا.. وَبسواعدنا.
ومهما كانت كلفة التضحيات في سبيل الله والقضية الحقة والمشروع الذي تنفسنا من عبقه مؤشرات العزة والكرامة، وَلمسنا في دوافعه قيمة الحماية والذود عن الأرض والعرض والسيادة، فَـإنَّ هذه الكُلفةَ لن تكونَ أكثرَ حجماً أَو كلفةً أَو مآسيَ من كلفة التهاون والتفريط وَالقبول بالغازي والمحتلّ وأدواته ومشاريعه.
مقولةٌ جاءت بعبارات عدة على لسان الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، وَكرّر التأكيد عليها في أكثر من موقف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وفيها من الحقائق ما تبرهنها المواقف والشواهد، فالدماء تنزف في كلتا الحالات، سواءً في جبهات العزة وَالكرامة أَو في متارس الخيانة والعمالة، والأعداد تقارب بعضها مع فارق في المواقف وَالمخرجات، وَيكفي أن نستذكرَ أن لنا إخوةً في المحافظات المحتلّة يقتلون كُـلَّ يوم غدراً وَظلماً، وَمن لم تطلْه رصاصةُ الغزاة وأدواتهم فقد طالته كوارث سيطرتهم على كافة مناحي الحياة المعيشية.
لنجعل هذه الذكرى محطة لتقييم أنفسنا على مستوى الأداء وَلنقيس في أنفسنا مدى انسجامه مع خط الشهداء؛ باعتبارهم المعيارَ الذي نثقُ في مقاييسه، وهم كمال الكرم والعطاء والصدق وَالسلوك، وهم أيقونة الوفاء التي توجب علينا أن نستشعر قيمة أَو خطورة كُـلّ فعل أَو تحَرّك قبل أن نقدم عليه من واقع مسؤولياتنا التي وصلنا إليها عبر دمائهم وَتضحياتهم، لنتذكر هذه الأرواح التي تركت الأهل والولد وَعافت الدنيا بما فيها من مغريات.