القراءة المتأنية للاتفاق زمكانيا
أولاً: يفصح الاتفاق عن تغيير جيوسياسي في المنطقة تقوده الصين على حساب وضع جيوسياسي سابق كانت اليد الطولى فيه للولايات المتحدة لأكثر من سبعة عقود منصرمة.
ويمكن القول بأن الصين بدأت تخرج من حالة الانكفاء على الذات، وبعد أن حققت نفوذها الاقتصادي على العالم شرعت بتحقيق نفوذها السياسي وتملأ فراغ الخروج الأمريكي الإجباري من المنطقة.
ثانياً: من الصعب إزالة العوائق وتحطيم الجدران بين النظامين الإيراني والسعودي، لأسباب سياسية اقتصادية، بينما تبريد حدة الصراع ونزع فتيله أو بالأصح نقله من إطار الصراع المذهبي والطائفي إلى إطار التنافس السياسي الاقتصادي، وهذا ما ترمي إليه المبادرة الصينية بهدف تعبيد وسفلتة الطريق أمام مشروعها المتمثل في طريق الحرير، المشروع الذي بات يقض مضجع السياسة الأمريكية والغربية ويقوض حضور أمريكا وهيمنتها الاقتصادية الأحادية على العالم.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستتمكن الصين من ردم الهوة بين إيران والسعودية؟
وبعيداً عن الخلاف المذهبي يظل هناك خلاف سياسي اقتصادي جوهري بين النظامين السياسيين، النظام الإيراني والنظام السعودي، ولكل نظام منهما فلسفة حكم مختلفة.
المملكة تدور في فلك البراغماتية السياسية، وتستقي من الفلسفة الليبرالية إلى حدٍّ ما توجهاتها في التنمية، وفي جوهرها إطلاق العنان لاقتصاد السوق، بينما النظام الإيراني في المقابل نظام إسلامي جماهيري، ورغم ولاية الفقيه، فإن له قسمات علمانية في العملية السياسية، يأخذ بالنظام الانتخابي والاحتكام للصندوق في تولي المسؤوليات... فهل سيقود الاتفاق النظامين إلى حقل المنافسة؟ هذا ما سيفصح عنه المستقبل.
* نقلا عن : لا ميديا