طرح أحدهم سؤالاً في الفيس بوك عن نقل قلب لإنسان، هل تنتقل معه كل الذكريات والمشاعر؟
كلنا نعلم أن القلب مضخة للدم، ولا علاقة له بالمشاعر والذكريات، رغم أن هناك من يزعم أنه قرأ أخباراً تؤكد أن المرضى الذين تم نقل القلب لهم يشعرون بذكريات لا تخصهم. وهذا كذب واضح.
“القلب” المقصود في القرآن الذي يعيش فيه من رحلوا بكل ذكرياتهم، هو الدماغ، وهو المقصود في قوله تعالى: “فتكون لهم قلوب يعقلون بها”، فالقلب في هذه الآية وظيفته العقل.
وقال تعالى: “فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون”، وفي هذه الآية أيضاً يرتبط القلب بالفقه الذي هو الفهم...
وقال تعالى: “فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم”، والزيغ هو انتفاء العقل وعدم الفهم.. فحين يصاب شخص بالجنون يقال: “فلان زاغ عقله”.
لا يمكن أن يغفل القرآن ذكر العقل وهو أقدس عضو في جسم الإنسان، ويركز على ذكر القلب الذي هو مجرد عضلة تحت سيطرة الدماغ، ولذلك سُمِّي هذا الدماغ في القرآن “قلب”، لأن عمله مقلوب.
والعلم يؤكد أن الجانب الأيمن من الدماغ يتحكم بالجانب الأيسر من الجسم.. والجانب الأيسر من الدماغ يتحكم بالجانب الأيمن من الجسم.
وإن شئنا إسقاط التسمية من جانب لغوي مجازي، فالدماغ سمِّي قلب، لأنه يتقلب في تفكيره وآرائه، والتقلب والانقلاب هو فعل واعٍ لا يصدر إلا عن عقل وتفكير.
فالقلب مرتبط بوظيفته العقلية في كل الآيات.
قال تعالى: “أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها، أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.
هنا يؤكد القرآن على أن وظيفة القلب هي العقل، الذي لن يكون سوى الدماغ الذي يعمل بطريقة مقلوبة.
قد يقول قائل: إن الله حدد أن القلوب هي التي في الصدور، نعم، هذا صحيح، والصدر هنا هو الرأس، لأن الرأس هو في صدارة الجسد، ويقال: فلان احتل الصدارة، والفريق الفلاني تصدَّر على منافسه، وفلان يجلس في صدارة المجلس.
ونجد الصدر أيضاً في قوله تعالى: الذي يوسوس في صدور الناس..
لنسأل أنفسنا: حين نسمع وسوسة، هل نسمعها في صدورنا أم في رؤوسنا؟
بالتأكيد أننا نسمع الوسوسة في مقدمة الرأس، ومقدمة الرأس هي صدارة الجسم، وهذا هو المقصود في قوله بالصدر.
وشتان بين القلب الذي يضخ الدم، وبين القلب “الدماغ”، الذي وظيفته العقل والإدراك.
* نقلا عن : لا ميديا