واقعٌ مريرٌ يعيشه المواطن اليمني في المناطق المحتلّة في ظل حكم مجلس الثمانية العاجز عن إدارة الأزمة المالية والانهيار الممنهج للريال اليمني في مناطق سيطرتهم جراء طباعة المليارات من الأوراق النقدية دون سقف؛ ما أدى إلى انهيار قيمة الريال اليمني والذي بلغ ذروته، حَيثُ بلغ سعر الدولار الواحد ألفًا وسبعمِئة ريال يمني.
جميعنا لا يزال يذكر تهديدات السفير الأمريكي للوفد المفاوض بالحصار الاقتصادي المتمثل في نقل البنك المركزي إلى عدن ومنع الإيرادات وإغلاق المطار في حال رفضت صنعاء تنفيذ القرار “٢٢١٦” في سبيل إخضاع اليمن لأجنداتهم، وفعلاً قد نفذ ما هدّد به من نقل البنك المركزي إلى عدن وَجعل الريال اليمني لا يساوي قيمة الحبر المطبوع به.
ومع أن التهديد والتنفيذ قد طال اليمن بأكمله؛ كونه تسبب في قطع رواتب الموظفين عامة إلا أن التأثير كان أكبر على المواطنين في مناطق سيطرتهم؛ بسَببِ انهيار سعر العملة وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني.
ولسنواتٍ ثماني أغرقوا عدن في ذل الاحتلال الذي جعل القتل والخوف والاغتصاب وكلّ أشكال الجريمة سائداً فيها إلى جانب الاقتتال بين مليشيات تقاتل بعضها لبعض؛ مِن أجل تمكين المحتلّ من سيادة أرضهم فأحالوا حياة الناس إلى كوابيس وضاقوا ذرعاً من تلك الأوضاع، حتى رأينا مشهدَ بوعزيزي تونس يتكرّر في عدن بعد أن أحرق مواطن نفسه احتجاجاً على تردي الوضع المعيشي فيها وغياب لأبسط الخدمات التي يحلم بها المواطن الجنوبي المغلوب على أمره داخل أرض تغرقه سيول أمطار الصيف ويحرقه لهيب حره، في ظل غياب الكهرباء التي باتت أقصى أمانيه.
وفي الوقت ذاته يرمي مجلس الثمانية فشله في إدارة الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرته على حكومة صنعاء، التي استطاعت إدارة الازمة الاقتصادية بحنكة عالية جعلت سعر الدولار يستقر عند حَــدّ معين برفضها منع التداول بالعملة الجديدة واستقرار الأسعار بشكل يرضي المواطن مقارنة عنها في الجنوب، والواقع أن هذه الأزمات ما هي إلا تكرار للسيناريوهات وتبادل للأدوار بين السعوديّة والإمارات وما بينهما يكون الضحية هو المواطن الجنوبي الذي أصبح مدركاً لنوايا الدولتين الخبيثة في احتلال أرضه ونهب ثرواته، بينما هو يموت خوفاً وجوعاً وقتلاً داخل زنازين المحتلّ وعلى أرض غنية بكل ما يجعل أهلها يعيشون حياة الرفاهية!
لطالما حذرهم السيد القائد من خطر المحتلّ وبالذات السعوديّة التي دائماً ما تسعى لتمزيق اليمن وضم حضرموت والمهرة إليها، لكنهم بغباء انجروا وراء أحلام زائفة ساقتهم إلى حالة يرثى لها وأصبحوا يعضون أصابعَهم العشرين ندماً بعد أن تذوقوا مرارة الاحتلال وأصبحت رياحه تعصف بهم إلى الهاوية.
وربما هم يتمنون لو أنهم لم يفتحوا مدنهم للمحتلّ وليتهم استمعوا لنصائح السيد القائد ودعوة اليمنيين لأن يكونوا من المدافعين عنها لا ممن يسعى لجعلها دولة مسلوبة الحكم والقرار.
فمَـا هو المتوقع من أبناء المحافظات الجنوبية في ظل الأحداث المؤلمة التي عاشها وما زال يعيشها؟
نأمل أن يكون ما مضى كافياً للعودة إلى جادة الصواب ونأمل أن تكون حادثة بوعزيزي الجنوب وقود الثورة في وجه المحتلّ وطرده من اليمن.