إن من ضمن الدوافع والأسباب التي شجعت الدولة السعودية على الدخول في الحرب ضد اليمن، دافع الغرور والكِبْر، والشعور بالقوة أمام اليمن، والتفوق عليه في السلاح والعتاد، وكذا يقين الدولة السعودية بأنها مسنودة بحلفاء أقوياء وأشداء سوف يقفون إلى جانبها ويناصرونها.
لقد شعرت السعودية بكل هذا تجاه اليمن وتجاه شعبه منذ قرون طويلة، فكانت تتصرف مع اليمن وشعبه بناءً على هذه الأسس والمعايير في صياغتها الحروب الاقتصادية والسياسية ضد اليمن واليمنيين منذ القدم.
ولكن الجديد في حربها ضد اليمن هذه المرة هو عدوانها المباشر من قتل ودمار وحصار وتدخل سافر في شأن اليمن السياسي والسيادي ومختلف المجالات الأخرى على مرأى ومسمع العالم، الناتج عن الشعور بالقوة أمام اليمن، واليقين المطلق من أن أمريكا و«إسرائيل» تقفان معها، والغرب في صفها، والرأي العام يناصرها، والصحف تكتب لصالحها، وكذلك القنوات الفضائية والإذاعات المحلية والعالمية وجميع وسائل التواصل الاجتماعي تهتف لها وتشجعها في حربها ضد اليمن والعدوان على شعبه وحصاره.
إن من نافل القول حقيقة أن الحرب دائماً ما تحدث حينما يصرح أحد طرفي الصراع للآخر بأنه مسالم، وأنه لا يفكر أبداً في الحرب، ويسعى دائماً نحو السلام والأمن وحسن الجوار؛ لأن من يمشون دائماً إلى جوار الحائط ويؤثرون السلامة هم غالباً ما يطمع فيهم الأعداء، فيكونوا أول من يفقدون الأمن والأمان والسلامة.
العالم مليء بالذئاب، وتاريخ المنطقة من حولنا ملطخ بدمائنا. ولذلك يتوجب علينا كشعب يمني أن نعي وندرك جيداً أننا اليوم نواجه عدواً حقيقياً، وجاراً غادراً، ومفاوضاً كاذباً، لا يفكر في أي سلام أبداً، وما السلام الكاذب الذي يلوكونه بأفواههم وألسنتهم إلا مجرد مخدر موضعي، يدسونه في طعامنا الإعلامي كل يوم، لتوهن بذلك عزائمنا وتموت قلوبنا وتعمى أعيننا وأبصارنا عن الكارثة المقبلة، حتى تأتينا ونحن على حين غرة من دون أي استعداد، وهم يقتلون اليمنيين بشكل شبه يومي في المناطق الحدودية، وغيرها من المناطق اليمنية الأخرى، سواء بقذائف المدفعية المباشرة، أو عن طريق الموت المدفون تحت الأرض من مخلفات الحرب والعدوان، واستمرار الحصار والتجويع، تمهيداً للخاتمة التي يحبكون خيوطها ويسعون في تحقيقها.
إن الدولة السعودية منذ نشوئها في أرض نجد والحجاز، تطحن لليمن واليمنيين تحت أضراسها حقداً تاريخياً لا تنطفئ له نار ولا يخبو له أوار، فهي لا تريدنا إلا أسرى وسبايا ولاجئين مطرودين، نتسول على أبوابها، عبيد لقمة العيش. لذا فالأولى بنا كشعب يمني معتدى عليه ألا نخدع أنفسنا بالمراوغة والمماطلة، وأن نستعد لمواجهة الواقع بكل احتمالاته، ونتأهب لمواجهة ما هو أسوأ من ذلك في الأيام القادمة، فالحرب لم تضع أوزارها بعد، والاعتماد على نصرة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومجلس الأمن هو اعتماد على سراب خادع، فالنصرة الأممية دائماً ما تأتي في صالح المعتدي وليس في صالح المُعتدى عليه، وتلك قسمة قسمها الله لنا، وعلينا أن نعرف ونعي كيف نحمل تبعاتها، فالقلق بسبب حرب محتملة أفضل لنا ألف مرة من النوم على سلام كاذب.
* نقلا عن : لا ميديا