لم تعد الأيام قادرةً على الحفاظ على كل ما ابتدأ نقياً طاهراً متكاملاً، إذ الزمن زمن الزيف والزائفين المرائين المحتالين الدجالين، الذين يتخذون الدين حارساً لمصالحهم الشخصية، ويتمسكون بكل قواعد العرف التي تضمن بقاء جهالاتهم مهما بدت منبوذة من قبل المجتمع، لما لها من آثار سلبية، وأضرار مادية ومعنوية، وكم وكم يرتدي الكثيرون جلودا إنسانية على ذوات تنتمي لعدة فصائل من الحيوانات الأخرى! ويبقون مع الأسف محسوبين بشراً.
إن النكسة الحقيقية هي: عندما يكون لدى أمة أو شعب أو جماعة أو حركة مشروعٌ يمكن له أن يصنع نهضة عالمية، ويوجد أرقى حضارة إنسانية، ويقدم نظماً شاملة لكل مجالات الحياة دون استثناء، ثم يتناساه حملته بكامله، أو يقومون بلي ذراعه، وتطويعه لكي ينسجم مع ما هم عليه من عجز وقصور، وبدلَ أن نتجه لبناء الإنسان ككل، يصبح جل همنا هو: هل يجوز بقاء الشاب والفتاة في قاعة واحدة لتلقي الدروس والمحاضرات؟
إن من لم يستطع أن يتبين له الفرق بين مراد سيد الثورة من الاختلاط الفوضوي والعبثي المرفوض من كل ذي فطرة سليمة، وبين الاختلاط المنضبط، القائم على مبدأ التكامل والتعاون في إطار الإيمان، ومن واقع المسؤولية المشتركة التي يشترك في حملها الرجل والمرأة، ويلتقيان ويتحاوران ويخططان لكي يصلا إلى الكيفية التي يسيران عليها للنهوض بواقعهما، لا يمكن له أن يغادر خانة الوضع المزري، ولو صببت على رأسه كل تعاليم السماء والأرض، ومكثت تتعهده كما تتعهد الأم ولدها بالآداب والوصايا والمحبة والعطف والحنان، وجئته بخلاصة تجارب الأمم والشعوب، فلن يكون إلا ذلك العاجز البليد السخيف الجاهل، الانتهازي.
* نقلا عن : لا ميديا