إن كان القلب نظيفاً خالياً من الأحقاد والأضغان؛ فقطعاً لن تمر عليه ذكرى (كربلاء) سلاماً بسلام.
تلك أعظم مأساة حدثت في التاريخ، وأبشع جريمة شهدتها الأيام والسنون، وكانت بحق أولاد النبي الخاتم (صلوات الله عليه وآله).
ارتوت الصحراء من دماء الحسين (عليه السلام) وأولاده وأنصاره، وسبيت نساء بيت النبوة.
بالله عليكم: كيف لا تفيض العين دمعاً؟ وكيف لا تذبل الروح حزناً وكمداً؟
إنها مصيبة كفيلة بأن تدمي القلوب المسلمة وغير المسلمة هذه هي الحقيقة، والمؤلم أن كثيراً ممن ينتسبون للإسلام لا يهمهم الأمر على الإطلاق، بل يجعلون هذه الفاجعة مناسبة للسخرية والاستهزاء بأهل بيت النبي وشيعتهم، وفرصة لزرع الحقد والفرقة بين المسلمين.
وربما تجد أولئك يمجدون أشخاصاً آخرين ويجعلونهم رموزاً للإسلام بدلاً من الرموز الحقيقية التي دعا النبي للتمسك بها، ما أوصل الأمة إلى هذا الانحراف الكبير.
قضية الرموز الإسلامية التاريخية بحاجة ماسة إلى تنقيب وبحث وتصحيح، خصوصاً أن رفوف المكتبات “الإسلامية” باتت مليئة بكتب لا تزيد الناس إلا انحرافاً وبعداً عن الحقيقة.
حسن فرحان المالكي (فك الله أسره) وهو خير مثال للباحث عن الحقيقة كان يطالب كل المسلمين بهذا، ولطالما كان الصوت الجهور الشجاع من داخل مملكة الدكتاتورية السعودية.
كان “حسن فرحان المالكي” يستطيع أن يصمت وينقذ نفسه من غياهب السجن، لكن ما وصل إليه من التشبع بالحقيقة جعله لا يهاب أي شيء.
حتى قال في رسالة له من داخل السجن إنه سعيد بهذه التضحية، مستشعراً أن ما يحدث له من ظلم وتعسف ليس شيئاً مقارنة بمظلومية أهل البيت عليهم السلام.
هكذا يكون الحب لأهل البيت؛ وليت البعض منا فقط يتحلى بمثل هذه الروحية العظيمة والاستشعار للمسؤولية.
لننظف أنفسنا من كل الأحقاد التي زرعتها الثقافات المغلوطة ونبحث عن الحقيقة بقلب صادق يريد الحقيقة لا سواها، حينها فقط يمكن أن نصحح إيماننا وتاريخنا ونعدل الانحراف الذي وقعنا فيه.
الإمام الحسين (عليه السلام) ليس شخصية عادية، وقد عاش أعظم مظلومية عبر التاريخ، وها هو اليوم يعيش مظلومية أخرى بالاستنقاص من قدره ومكانته.
الكثير يخوضون في الحديث عنه دون معرفة صحيحة للتاريخ والأحداث فيصلون إلى درجة الانتقاص من هذا العظيم، والسبب هو الشحن الطائفي.
يا هؤلاء الحسين ليس ملكاً للشيعة فقط، بل هو مرجع كل مسلم يدين بدين الله ويؤمن برسالة النبي محمد (صلوات الله عليه وآله).
فوالله إنه شيء محزن أن يتحول الأمر إلى عداء شخصي طائفي.
فهناك الكثير من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي عندما نقرؤها نكتشف أن أصحابها لا يعرفون الحسين إطلاقاً، وبسبب الاختلاف مذهبياً وسياسياً يتجهون للسخرية من “سيد شباب أهل الجنة” بشهادة خاتم الأنبياء والمرسلين الذي لا يجامل في الدين أحدا.
ابحثوا ونقبوا في التاريخ بقلوب خالية من الأحقاد، ولا تحرموا أنفسكم من نور الحقيقة.