لقد رأينا أبطال فلسطين يسيرون كأنهم في نزهة، كما كان يصرح قادة العدو المحتل عند احتلال الأراضي العربية في حقبة الثمانينيات. لله الحمد والشكر.
عملية «طوفان الأقصى» كانت تدريباً عملياً ناجحاً لكيفية تحرير فلسطين، فالمعتاد أن «إسرائيل» هي التي ترسل جنودها ومدرعاتها للتوغل داخل المناطق الفلسطينية بأعداد كبيرة وبآليات ومدرعات وعتاد عسكري وحربي وتمشيط الطائرات، حتى يأسروا ويقتلوا عددا من شبان الانتفاضة الفلسطينية، وبصعوبة شديدة أمام مقاومة بضعة أفراد.
الأشاوس أشعرونا أن مهمتهم -شديدة التعقيد- جرت بغاية السهولة والأريحية الناتجة عن إيمان عميق وعزيمة لا تلين ونوايا صادقة واستبسال كبير، وكذلك عن تخطيط عميق وبتكتيك جديد، ليتمكنوا خلال بضع ساعات من الاقتحام وتنفيذ العملية والسيطرة والتصفية والأسر والاستيلاء.نعم، لقد جعلوا هذه العملية التاريخية كأنها نزهة بحسب ما كان العدو الصهيوني يردد باستخفاف عند اقتحامه الأراضي العربية خلال حقبة الثمانينيات.
لم يحمِ المستوطنات والقواعد العسكرية التابعة للعدو جدار الفصل العنصري، ولا الأسوار العالية أو الأسلاك الشائكة والمكهربة.
مع العلم أن تلك الجدران والأسوار والعوائق والأسلاك الشائكة متصلة بأحدث التقنيات في العالم من أجهزة حساسات تكشف عن أي حركة جوارها، وتتصل بكاميرات مراقبة مرتبطة بوزارة الدفاع «الإسرائيلية» مباشرة، ومعها كاميرات حرارية للأجساد، وأسلحة آلية للإطلاق على الأجساد المتحركة عبر تقنية الذكاء الاصطناعي. كلها لم تفدهم بشيء.
تحركات المقاومة الفلسطينية داخل المستوطنات الصهيونية بدت كأنهم يحفظونها عن ظهر قلب، بل وكأنهم لعبوا بأحيائها في طفولتهم، رغم أن ذلك لم يتم سوى على الخرائط لا غير.
وتوزع أفراد المقاومة في مجموعات صغيرة، كل مجموعة لها هدف محدد، منها القضاء على الأعداء والأسر والاعتقال، بمن في ذلك قيادات عسكرية، وحققوا كل الأهداف ببساطة لافتة؛ حتى أن القوات الصهيونية لم تُلحظ سوى عند رؤيتهم مجندلين في صور الإعلام العسكري.
نعم، المقاومة الفلسطينية تفوقت على العدو في المهارات القتالية وسرعة القنص والإطلاق عبر حرب الشوارع الخاطفة التي جرت (بسهولة شديدة)، رغم ما توصف به قوات العدو من مهارة عالية، والتي يطلق عليها قوات النخبة، حتى وصل الحال إلى أن يتم طلبهم لتدريب بعض أقوى جيوش العالم.
وبالتأكيد فإن القوات المتواجدة في المستوطنات المتاخمة لغزة هي من أفضل قوات النخبة الصهيونية؛ لأنهم يعتبرون خط الدفاع الأول على جبهة المواجهة!
العملية أوصلت الرسالة الأقوى والأهم: إن تحرير فلسطين ليس بالمستحيل، بل إنه ليس بالصعب، بإذن الله، من خلال ما شاهدناه في تنفيذ أبرز عمليات المواجهة والاشتباك والتحرير، التي تستحق دخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأسرع انتصار تحقق في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني.
* نقلا عن : لا ميديا