توطئة: التغييرات الجذرية في «حكومة صنعاء» قيد النظر تحتاج بالتوازي معها طرح هذه المقترحات كمهمات ضرورية ينبغي إعطاؤها حيزاً من الاهتمام والعناية.

ما هي المهمات العاجلة؟

أكبر مقتل يمكن أن تقع فيه «سلطة صنعاء» مستقبلاً هو استمرارها في إدارة السلطة بالطريقة نفسها التي أديرت بها في فترة الحرب. ولذا، ومن أجل استكمال إدارة المعركة بعد انتهاء الحرب بكفاءة عالية، تحتاج إلى مراجعات وإحداث تغييرات، لكي تتناسب مع أوضاع ما بعد الحرب، وهناك عبارة متواترة في الفكر السياسي تقول: «الحرب إدارة السياسة بوسائل أخرى». وعليه، فإنه عندما تضع الحرب أوزارها ويعم السلام تحتاج السياسة إلى وسائل مختلفة لإدارة الشأن العام.

وفي اعتقادي أهم معضلة ينبغي وضعها في جدول أعمال السياسة ما بعد الحرب هي تغيير النهج أو تصويب العمل بالتحالفات السياسية؛ لأن إدارة المعركة بكفاءة تتطلب استيعاباً سياسياً لها وإدارتها من حقل السياسة كعلم، وهذا الأمر يحتاج إقراراً واعترافاً بالتعدد والتنوع الثقافي والاجتماعي، وهذا التعدد لا يمكن إدارته إلّا بعقد تحالفات، ولأجل أن يكون التحالف فعالاً وشغالاً، فإنه ينبغي البحث فيه عن صيغة تعاقدية جامعة أو برنامج عمل سياسي مشترك، حيث يصعب أن تقيم عملاً تحالفياً بين قوى سياسية متعددة ومتباينة من خارج ميدان السياسة.

ولكي نفهم معنى التحالف وأهميته، فإننا سنضرب مثالاً له من تجربة ناجحة، وخير مثال له هو تحالف الأحزاب والقوى الوطنية في لبنان الشقيق، فقد استطاع حزب الله ومختلف القوى الوطنية والقومية إقامة تحالف تحت خيار المقاومة، تحت عناوين سياسية عريضة على رأسها الوقوف صفاً واحداً مع القضية فلسطينية وضد عنجهية وصلف الكيان الصهيوني الغاصب. هذا العنوان العريض هو الجامع المشترك لكل القوى المنضوية تحت خيار المقاومة من القوى والأحزاب اليسارية والقومية وحتى الطائفية، تحالف يحافظ على خصوصية الخطاب الفكري لكل تيار وخطابه الإعلامي ومنابره ومؤسساته، وهذه التجربة الناجحة بحاجة إلى دراسة والتمعن فيها والاستفادة منها.

الآن نسأل: ما العنوان السياسي الذي يمكن أن تجمع عليه مختلف التيارات السياسية المناهضة للعدوان؟!

أعتقد أن هناك عدة عناوين سياسية بعضها ذو طابع وطني، وأخرى لها بعد قومي. العنوان السياسي الوطني يتمثل بسيادة الدولة واستقلال قرارها ورفض التبعية والارتهان والوصاية، وتجريم العمالة والارتزاق. أما القومي فيتمثل في الالتزام بالوقوف مع القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني والوقوف ضد المخططات الصهيوأمريكية، وضد مشاريع التطبيع، والسعي نحو توحيد الأمة العربية.

برنامج سياسي تحالفي بهذه الصيغة ينبغي أن يوضع في جدول أعمال السياسة عند كل الأطراف، ويتم إعداده مرفقاً بميثاق شرف سياسي توقع عليه كل القوى السياسية.