إنها لقدرة إلهية دفعت بالفرخ الكسيح الإسرائيلي إلى ذروة الأحداث المتسارعة تمهيداً لمعركة حاسمة يعزف فيها الكيان لحن التجمع والختام، وهَـا هي إسرائيل اليوم تعلن عن تجمعها الختامي والمسنودة بالمرضعة الأمريكية وحاضناتها البريطانية وأبواقها الإعلامية وتحالفاتها الغربية، عازفةً بذلك لحن التجمع والختام في سيمفونية العلو والاستكبار على مشهدٍ من الملأ العالمي وعلى مسرح بعرض التاريخ.
إذنً إنها مناسبة عظيمة لوقفةٍ حاسمة تردع الصلف وتنزع جذور التبجح والغرور، والوعد -هو- وعد الآخرة ولا عذر لمن تخلف أَو تنصل، والنصر والتأييد لمن تمسك بالعروة الوثقى، والإيمان-اليقيني- بالله هو القوة الإلهية الوحيدة التي تصنع الانتصارات والتي تحمل في أيقونتها وطياتها مشاعل النصر ومباهج البشارات.
والمشهد المروع الذي يجري على الأرض الفلسطينية يفرض على الأحرار سرعة النجدةِ والإنقاذ، والاستراتيجية القادمة يجب أن تكون هي استراتيجية حاسمة خيارها الوحيد “ردع الصلف ونزع شخصنة العلو والاستكبار، وكسر شوكة الغرور والحقد والإجرام”، بكل الوسائل الممكنة والأساليب المتاحة، والخيارات الاستراتيجية بالدعم المالي، والسلاح العسكري، والإسناد البشري والغطاء الإعلامي، والرأي المَشُورِي والموقف الإسنادي، والمقاطعة الجذرية، والمساندة الفعلية بكل ما نملك وبكل ما نستطيع من خيارات متاحة.
والخزيّ والعار، والذل والارتهان، والسلبية والاحتقار على رؤوس أُولئك الأعراب الأشد كفرًا ونفاقاً، وأقبح عذراً وتبريراً، وأمقت ذلاً وارتهاناً وتطبيعاً.
والذين يؤثرون السلام -الزائف- على أنفسهم اليوم نقول لهم: والله الذي لا يهزم جمعاً تمسك بحبله الوثيق، إن وقوفكم اليوم المتفرج، وتطبيعكم العلني المُستمرّ أمام هذه المشاهد الدامية جريمة لا تغتفر، وخيانة عميلة لا تؤتمن، والشرّر المتطاير من إجرام “نتنياهو” والغلظة والفظاظة والعجرفة التي تبدو في عينه، والنظرة المتبجحة التي ينظر بها لمن حوله تنبئ جمعيها عن غطرسه هتلرية ونازية باطنة لا شك فيها وهي من سوف تطيل صمتكم جميعاً؛ لأَنَّ الحكاية أصبحت أكبر بكثير من تغيير الجغرافيا في فلسطين وهي أكبر بكثير كذلك من تشريد الفلسطينيين، فهي تهدف إلى تشريد كُـلّ العرب واقتلاعهم واقتلاع جذور إسلامهم، والإطاحة بسيادتهم من المنطقة ومن الأرض ومن التاريخ قاطبة، والوقوف ضد إسرائيل اليوم ليست مسألة تحتاج إلى جدوى للنظر أَو طرح للنقاش والحوار والجدل، خَاصَّةً وبعد تلك العملية الإجرامية التي يقودها نتنياهو ومن خلفه من قوى الشر في فلسطين، لذا أصبح من الواجب -مقابل تلك الجرائم الشنيعة- اتِّخاذ موقفٍ صريحٍ يهتز له الوجدان، وتتألم منه قِوى الشرّ والطغيان.
فهناك جرائم إبادة جماعية -إجرامية- لشعبٍ عربيٍ وهناك قتل للأطفال والرضع والأُمهات، وهناك تهديم للمنازل على رؤوس أصحابها، والصواريخ تتصيد القيادات الفلسطينية وتقتل الواحد تلو الآخر بكُـلّ نذالة، والوقاحة والوضاعة وصلت إلى حَــدّ ضرب المستشفيات، بينما بالمقابل هناك بيوت الشرق -العربي- أغلقت أبوابها وصُمت آذانها ورُبطت أعينها، وما شهدناه اليوم كان نتيجة تواقت غير طبيعي لمجموعة عوامل تحالفت معها بنفس الوقت لتخلق عملقة في قزم، وساهم انقسام العرب وتشرذمهم وتقزمهم في عملقة ذلك القزم وصياحه وصراخه وانتفاضته وهو في حقيقته أهون شأناً مما يبدو بكثير.
ولكن هل تدرك إسرائيل حَـاليًّا ضعفها وخوائها وتشرذمها وتقزمها من الداخل؟ هل يدرك الجيش الإسرائيلي عجزه عن المواجهة رجلاً لرجل؟ البعض في إسرائيل يدركون ذلك، ولكن الغوغاء في إسرائيل يتصورون أنهم يحكمون العالم وأنهم يقودون التاريخ وأنهم عاصفة لا تقهر وأنهم المختارون حقاً وصدقاً من الله للسيادة على العنصر البشري، وهي عنصرية لا تختلف عن العنصرية النازية والعنجهية الفاشية، وهذا الصلف الأعمى هو الذي سيورد إسرائيل حتفها.
إذنً لا شك بأن المكر الإلهي المنفرد أزلاً بكل شيء هو من وراء ستار الأسباب، وقد أراد الله لحكمة في تقديره أن يدفع بأمريكا وإسرائيل إلى مقدمة الأحداث لأمر يريده، وهذا هو الفصل الحالي من الدراما الكونية التي شاء لنا ربنا أن نحضره، وشاء لنا أن نراه وأن نكون شهوداً عليه.
ولكن يا ترى هل سيكون لنا دور فيما سيحدث؟ أجل! سيكون لنا دورٌ كَبيرٌ في ما يعد على مسرح الأحداث الآن، إذ إنه لم يعد يتبقَى لدينا وقت حَـاليًّا حتى نتحفظَ عليه لجدوى التأمل والنظر؟ والوضع ليس بالطبيعي حتى نتكلم عنه برهة زمان؛ لنتخذ على إثرهِ القرار.
إن الدور دورنا وأنه لنفس ذلك الدور الذي ساد أَيَّـام التتار والصليبيين، ولكن الصليبية القادمة هي صليبية يهودية لا علاقة لها بصليب ولا بمسيح وإنما مرادها الوحيد هو السيطرة على العالم القديم وعلى مستودع الطاقة والكنوز، لا سِـيَّـما وأن الحرب التي تشنها إسرائيل حَـاليًّا حرب مصالح شرسة بمسميات توراتية يهودية دينية كاذبة تخلو من كُـلّ ضوابط الشرف.
ختامًا هناك شيء لا بُـدَّ أن ننوّه إليه زرعاً للثقة في قلوب من تجذر الشك في صدورهم نقول لهم علامَ الحرص! وعلامَ الخوف! وقبل كُـلّ شيء هناك أعظم الكل وهو خالقنا وربنا مالك الملك، الذي يدبر بعدل وحكمته، والله لم يخلق الخلق ليتركهم سُدى، والله لم يمد الحبل لظالم إلَّا لبرهه، وقد أقام اليهود دولاً من قبل وظلموا وأفسدوا ودمّـروا، ودمّـر الله عليهم كُـلّ بنيانهم، وهذا بنيانهم الجديد قد أتى بظلمٍ جديد والظلم هذه المرة أكبر، والإفساد أكبر، والنهاية مثل سابقاتها.
والله من وراء القصد، فهل أنتم مؤمنون؟