ردّت صنعاء على التهديدات الأميركية والإسرائيلية، غداة احتجازها سفينة «غالاكسي ليدر» الإسرائيلية وسحبها إلى ميناء الحديدة، متوعّدةً بضربات مؤلمة في حال تفكير الدولتَين، أميركا وإسرائيل، بالاعتداء على اليمن. وأكدت أن أيّ كلام عن الإفراج عن السفينة ليس ممكناً قبل تحقيق شرطَين، هما: وقف العدوان على قطاع غزة، والسماح بإدخال المساعدات إليه. وكانت الإدارة الأميركية قد عبّرت عن غضبها بعدما أعلنت صنعاء فرض حظر على كلّ السفن المتّجهة إلى الموانئ الإسرائيلية أو العائدة منها. وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيلو ميلر، أن بلاده سوف تتشاور مع شركائها وحلفائها لاتّخاذ إجراءات لم يكشف عن طبيعتها، ردّاً على هجمات القوات اليمنية في البحر الأحمر وباب المندب. ووصف احتجاز السفينة الإسرائيلية بـ«الانتهاك الفظّ للقانون الدولي»، مطالباً «صنعاء بالإفراج عنها فوراً».وأثار الكلام الأميركي ردود فعل ساخرة من قِبل ناشطين عرب ويمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي. ورأى هؤلاء أن من يغطّي الجرائم الوحشية الإسرائيلية في غزة، ويعدّها «دفاعاً عن النفس»، هو آخر من يجب أن يتحدّث عن القانون الدولي. أمّا في إسرائيل، فقد لوّح المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، بالردّ بالتشاور مع الولايات المتحدة، قائلاً إن «أميركا تمتلك قوات في مضيق باب المندب»، محاولاً التنصّل من علاقة السفينة بإسرائيل، ومتّهماً صنعاء بـ«تعريض الملاحة الدولية للخطر»، على رغم تأكيد الأخيرة أن عملياتها تقتصر على السفن الإسرائيلية، إذ تمرّ عبر مضيق باب المندب أكثر من 50 سفينة وناقلة نفط يوميّاً من دون اعتراض.
في هذا الوقت، تمكّنت صنعاء، فضلاً عن احتجاز «غالاكسي ليدر»، من إجبار سفينتَين تجاريّتين تعملان لمصلحة شركات إسرائيلية على تغيير مسارهما بالقوة. وأفادت بيانات ملاحية، مساء أول من أمس، بأن السفينتَين «غلوفيز ستار» و«هيرميس ليدر» غيّرتا مسارَي إبحارهما بعيداً عن البحر الأحمر، وقالت إنهما تتبعان الشركة نفسها التي كانت مرتبطة بها السفينة «غالاكسي ليدر». وأوضحت شركة «أميري» البريطانية للأمن البحري، بدورها، أن «إحدى السفينتَين عادت من حيث أتت وتكبّدت اضطراباً تجارياً لمدة 4 أيام على الأقلّ، وأبحرت نحو 2000 ميل بحري إضافي»، مضيفةً أن «السفينة غلوفيز ستار انحرفت لعدة ساعات في البحر الأحمر قبل أن تواصل مسارها بعيداً عنه».
إذا توقفت أميركا وإسرائيل عن قتل الفلسطينيين، وأدخلت الماء والدواء والغذاء إلى غزة، فعندها يمكن الحديث عن السفينة الإسرائيلية
وفي تعليقه على ذلك، أكد عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله »، علي القحوم، لـ«الأخبار»، أن «تصعيد العمليات البحرية ضدّ السفن الإسرائيلية عمل مشروع، وسيتزامن مع استمرار العمليات الهجومية الجوية التي ستنفّذها صنعاء بواسطة القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر». وأشار إلى أن «اليمن في حالة حرب مفتوحة مع الكيان الصهيوني. ومن أجل نصرة الشعب الفلسطيني، سوف نواصل تنفيذ المزيد من الهجمات بأسلحة متطوّرة، وسنضرب العدو في عمق الأراضي المحتلة». وعن التهديدات الأميركية، قال القحوم إن «اليمن، دولةً وقيادة، اتّخذ القرار الصحيح، وفرض أكثر من معادلة عسكرية، بعدما ضرب إسرائيل في عقر دارها، وفرض حصاراً مشدّداً على الملاحة البحرية للكيان». ولوّح بتوسيع العمليات ضد إسرائيل، مؤكداً أن «كلّ الخيارات مفتوحة ولن نتردّد في اتّخاذ كلّ الخطوات الرادعة لهذا الكيان الغاصب»، متوعّداً أميركا وإسرائيل «بضربات مؤلمة في حال تفكير الدولتين بالاعتداء على اليمن». ولفت إلى أن «اليمن يمتلك اليوم كلّ عوامل القوة، وأميركا وإسرائيل لا تفهان سوى لغة القوّة، وعليهما أن تحسبا حساباً لصنعاء».
وفي الإطار نفسه، وضعت صنعاء شرطَين أمام واشنطن قبل الحديث عن مصير السفينة «غالاكسي ليدر». وقال عضو «المجلس السياسي الأعلى» الحاكم، محمد علي الحوثي، في منشور على منصة «إكس»، إنه «إذا توقفت أميركا وإسرائيل عن قتل الفلسطينيين في قطاع غزة، وأدخلت الماء والدواء والغذاء، فعندها يمكن الحديث عن السفينة الإسرائيلية». من جهتها، وتحت ذريعة تهديد الملاحة البحرية، عرضت حكومة عدن نفسها مجدّداً على «المجتمع الدولي» كبديل، معتبرةً أن تأمين البحر الأحمر ممّا وصفته بـ«الخطر الحوثي»، يتطلّب دعمها وإعادة السلطة في صنعاء إليها. وقالت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن «حكومة عدن التي حاولت توظيف العمليات التي قامت بها صنعاء للحصول على المزيد من الدعم الأميركي، أبلغت إسرائيل عبر الإمارات رفضها لتلك العمليات، ووصفتها بالأعمال الإرهابية التي تهدّد الملاحة الدولية».
يشار إلى أن المتحدث باسم جيش الاحتلال كان قد وصف تلك الحكومة بـ«الصديقة والموالية للأصدقاء المعتدلين العرب»، وقال إنها «تقف مع حلفاء أميركا في المنطقة».
* نقلا عن :الاخبار اللبنانية