كطقس وثني قديم، جرى تقديمُ بن دغر أُضحيةً على مذبح “الشرعية”، إذَا يتوهم هادي أن دمَ ابن دغر المسفوح سوف يُطهِّرُ حكومتَه العميلة وتحالف العدوان، من كُلّ الجرائم بحق الشَعب اليمني، ومن هذه الجرائم الكبيرة جريمة تدمير الاقتصاد الوطني والعُملة اليمنية.
جاء تقديم بن دغر كأضحية للتطهير على ذات الفهم الوثني، وقدّم هادي الاعترافَ بمسؤوليتهم عن الأزمة الاقتصادية الخدماتية بالنيابة عن بن دغر كما يعترفُ المسيحيون أمام البابوات، وهو جزءٌ من طقوس التطهير، لكن اعتراف هادي بجُرم حكومته العميلة وتقديم بن دغر أُضحيةً، كُلُّ هذا لا يُبَرِّئها من عمالتها وفسادها، ولا يُعطيها مُمكناتِ الصمود أَوْ التطور، فقد دخلت الحكومة العميلة في أزمة شرعية مع مَن كانوا يؤيدونها، وفي الطرف الآخر الوطني هناك من يُقاومون عمالتها وتآمرها وفسادها منذ هروبها إلى الرياض.
للتضحية ببن دغر، حيثياتٌ كثيرة، أَوْ محاولةٌ من الحكومة العميلة حل أزمات كثيرة، ومن ضمن هذه الأزمات تصعيد الانتقالي الجنوبي من خطابه ضد حكومة هادي والمطالبة بتغييرها، وإرضاء الجماهير الشعبية في تعز، إلا أن هذا التغير لن يؤديَ إلى إخماد هذا الصوت الجنوبي (الموالي للإمارات) ولا الصوت الجنوبي الوطني الرافض للاحتلال، بل إن تعيين رئيس الحكومة الجديد “معين” وهو الشمالي ضمن المنطق “الجِهَوي” هذا الأمر سيزيد من سخط الشارع الجنوبي على حكومة هادي العميلة ولن يحقّـق ما كان يرجو منه هادي حين أقال بن دغر.
الشيطانُ الأمريكي، الموجودُ دائماً في السطور، موجود أيضاً في خليفة بن دغر، فـ(معين) الشاب الذي استقطبه هادي إلى مؤتمر الحوار وزير نقل في حكومة فاسدة لم يشق طريقاً، وليس أَكْثَــرَ من تلميذ لابن مبارك، وهذا الأخير تلميذُ المخابرات الأمريكية.
وباعتباره شخصيةً شابةً كانت مشاركة في ساحات ثورة 11 فبراير، يتوهّم هادي بأن هذا التعديلَ سوف يجدّد من دماء حكومته أَوْ يضيف فئاتٍ شابة جديدة لمناصرة حكومته، لكن هذا الأمر غير وارد وسَرعانَ ما سيتلاشى، إذ أن بقاءَ ذات وزراء حكومة بن دغر في ظل حكومة معين، لن يُغيّر من واقع ممارسة الفساد وتدمير الاقتصاد والخدمات اليمنية، وحتى في حالة تغيير كُــلّ وزراء الحكومة العميلة فإن بقاءَهم في الرياض ومرتهنين لأمريكا والسعوديّة والإمارات مُفرطين بالسيادة الوطنية كُلُّ هذا يجعل من آفاقهم مسدودة ويجعلهم عاجزين عن تجذير حكومتهم وإعطائها ممكناتِ البقاء وصبغها بنوعٍ من الصبغة الشَعبية.