واهم من يظن أن عدوان السعودية على اليمن قد بدأ فجر الخميس 26مارس الماضي، بل هو عداء تاريخي بين رمال الصحراء المتناثرة الرخوة وبين صخور الجبال الصلبة والمتماسكة ،لخصته عبارة كل شرفاء وثوار اليمن بالقول : ( السعودية هي العدو التأريخي لليمن ) .
وبالبحث عن جذور تلك العداوة نجد صورة اليمني في التراث الإسلامي تتميز عن صورة الأعرابي النجدي ، كل ذلك جعل الثاني يحسد الأول ويكيد له الحيل وينصب له العداوة ما استطاع الى ذلك سبيلا .
فاليمني في التراث الاسلامي يمثل الصورة الملائكية - لأن جبريل عليه السلام كان ينزل على النبي الأكرم في صورة دحية الكلبي وهو صحابي من اليمن - بخلاف النجدي الذي يمثل الصورة الشيطانية كما تحكي كتب الأحاديث والسّير ، فإبليس اللعين كان ينزل في صورة الشيخ النجدي - ولا يزال حتى الآن - وهو الذي نصح قريشاً في دار الندوة بأخذ رجل من كل قبيلة ليقتلوا النبي الأكرم مجتمعين ليتفرق دمه بين القبائل ،فإستجابت قريش لتلك النصيحة وحاولت قتل الرسول الأكرم ففر مهاجرا من مكة الى المدينة ليستقبله الأنصار - من الأوس والخزرج من قبائل اليمن - ويحموه وينصروه حتى انتصر الاسلام وظهر في شبه الجزيرة .
و في كتب التاريخ والسّير نجد أن اليمني هو الذي أسلم برسالة واحدة من رسول البشرية بخلاف النجدي الذي أسلم بعد معارك طاحنة وتحت حد السيوف وظلال الرماح فأغلبهم من المؤلفة جيوبهم وقلوبهم .و اليمن هي الدولة التى مدحها القرآن بقوله ( بلدة طيبة ورب غفور )
ؤامتدح بسالة وقوة رجالها بأنهم ( أولوا قوة والوا بأس ِشديد ) ودعا لها رسول الإنسانية بالبركة - لأن أهلها أرق قلوبا وألين أفئدة كما وصفتهم كتب الحديث - هم وبلاد الشام ومنها يخرج نفّس الرحمان، بخلاف نجد التي ذمتها الأحاديث ، لأن فيها قرن الشيطان ومنها يخرج في كل زمان ومكان - ففيها الزلازل والفتن بنص الحديث الصحيح - وفيها تم قتل القرّاء -غدراً- الذين بعثهم الرسول لتعليم الناس القرآن، ومنها خرج المرتدون بعد وفاة الرسول وقاتلهم الخليفة الاول ، ومنها خرجت سجاح ومسيلمة ، ومنها كذلك خرج محمد بن عبد الوهاب - قرن الشيطان واقعاً وزعيم الحركة الوهابية مجازا - التي فرخت القاعدة وداعش وأخواتها في الغي والظلال وقرنت الأرهاب بالإسلام - ومنها أيضاً خرج آل سعود أكبر جريمة جسيمة حلّت بالعرب والمسلمين .
وتتحدث كتب المغازي بأن رجال اليمن وخيولها هم من نشروا الاسلام سابقاً ودافعوا عنه بسيوفهم حتى وصلوا الى الأندلس وحدود فرنسا ، وهم من نشروه لاحقا بسلوكهم وتعاملهم تجارا ودعاة ورواداً لطرق التصوف - في أفريقيا وشرق أسيا - بخلاف أعراب نجد الذين حاولوا - ولا يزالون - أن يهدموا الاسلام من داخله ويكفي أن الخوراج معظمهم ينتمي الى نجد ، وقد ذمهم القرآن بقوله أنهم ( أشد كفرا ونفاقا وأجدر الا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) فهم من شوه - ولا يزال حتى اللحظة - صورة الاسلام المحمدي واستبدله بإسلام صحراء نجد الوهابي .
العداء إذاً بين اليمن وآل سعود عداء بين الحضارة والبداوة وبين الشجاعة والجبن وبين الفضائل والرذائل وبين الرجال وأشباه الرجال بين التيوس وبين الخيول ، بين الصحراء بما تعنيه من الضياع والتيه والانغلاق والموت وبين البحر بما يعنيه من الحياة والتنوع والانفتاح والرزق .
والاهم كل من ما سبق أن العداء بين اليمن ونجد هو عداء بين أصل العرب والنسخة المزورة لبرميل نفط حاول أن يكون إنسانا بماله وبأقواله ، لكن الواقع أثبت أنه مسخ بسلوكه وأفعاله .
كل هذا القصف الأعمى والغارات الحمقى لا مبرر لها سوى الحسد والحقد الدفين القابع في أعماق لا شعور عيال سعود - خصوصا أنهم يمتلكون المال فقط - حيال جار فقير يمتلك كل الصفات التي تجعله عظيما مع فقره ، أمام برميل نفط يريد أن يشتري الفضائل بالمال وذلك عشم ابليس في الجنة .