قد يستغرب البعض، وهو يشاهد طارق عفاش ينتفض لحماية السفن الإسرائيلية في الساحل الغربي وباب المندب، والحقيقة أنّ ذلك هو مكانه الطبيعي، فالإمارات، ومن ورائها إسرائيل، وضعته في الساحل الغربي لهذا الغرض فقط، ويتقاضى عليه أموالاً طائلة، وهي مهنة معروفة عالمياً باسم: الارتزاق.
والكارثة ليست هنا، بل في أن أسرة هذا العميل حكمت اليمن لثلاثة عقود ونيف، وكانت البلاد خلالها مسرحاً للمشاريع الصهيونية، ومنها التدجين الديني والثقافي لصالح اليهود، وضد ثوابت الأمّة.
ولسنا بحاجة هنا إلى إثبات عمالة علي عبدالله صالح للنظام السعودي، بوليس “إسرائيل” في الجزيرة العربية، والذي تقاضى مقابله أموالاً وامتيازات، تقدمها اللجنة السعودية الخاصة، ويشهد بذلك زملاؤه في العمالة.
وبسبب تلك العمالة اضطر صالح للتنازل عن الحكم عام 2011 ليحافظ على امتيازاته تلك، بعد أن تعهدت السعودية بالاستمرار في دفعها له، حتى بعد خروجه من السلطة.
أمّا بالنسبة لإسرائيل، فقد كان صالح يتطلع للتطبيع المباشر والعلني مع الكيان الصهيوني، لولا أن الإسرائيلي نفسه كان يتجاهل ذلك، ويفضل إبقاء صالح تحت الإدارة السعودية، التي بدورها تخضع لسياسات الكيان الصهيوني.
ومع ذلك هناك محطات كانت معبرة عن تخابر عفاش مع إسرائيل، ومنها زيارة وفد صهيوني إلى صنعاء عام 1999، بحسب ما أعلنت في حينها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC.).
وفي أكتوبر 2000، وخلال مقابلة صالح الشهيرة مع برنامج “بلا حدود”، أقر صالح بوجود ضباط إسرائيليين في اليمن ولكن بجوازات أمريكية، باستثناء اليهود اليمنيين، مبرراً ذلك بأنه في صالح القضية الفلسطينية.
وفي زمن ليس ببعيد، دعا عفاش، في مقابلة مع قناة الميادين إلى التطبيع العلني مع “إسرائيل”، بذريعة المساعي لوقف العدوان السعودي والإماراتي على البلاد.
إلا أنّ الأهم من ذلك كله، هو وصول عفاش إلى السلطة سنة 1978، فقد كان على حساب إزاحة الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، المعروف بمواقفه المناهضة للكيان الصهيوني.
ومن المعروف أن حركات المقاومة الفلسطينية كانت تنشط في اليمن خلال السبعينيات، ونفذت هجمات مختلفة ضد السفن الإسرائيلية، أشهرها تفجير الناقلة النفطية “كورال سي” في يونيو 1971.
ورداً على ذلك، تحركت “إسرائيل” لتحييد اليمن عن المشهد المناهض لها، وقد تحقق لها ذلك بوصول صالح إلى السلطة، ولتختفي بعدها أي أنشطة معادية لإسرائيل في البحر الأحمر حتى عامنا هذا 2023.
ولم تخل حقبة صالح من تصريحات مؤيدة للقضية الفلسطينية، سيما بعد انتفاضة الأقصى أواخر عام 2000، وقد اضطر صالح لاحقاً إلى سحبها عقب تفجير المدمرة الأمريكية “يو إس إس كول” في ميناء عدن.
وللرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك تصريحاً حول ذلك، وصف فيه موقف صالح بأنه مزايد على الجماهير، ومتناقض مع ما يقوله في السر.
وليس الهدف هنا الإساءة لصالح وقد مات، بل لتوضيح حقيقة أسرته اليوم، وهم يتحركون لخدمة مصالح الإمارات وإسرائيل، كون ذلك ثقافة دأبت عليها الأسرة صاغراً عن صاغر، وليس مجرد موقف يتيم من أحد أفرادها.
* نقلا عن :السياسية