لا يكفي أن تُستقبل أخبارُ الإنجازات التي تسطرها قواتنا المسلحة المجاهدة وبياناتها من قبل المسؤولين وغيرهم من العاملين في كافة مؤسسات الدولة بالبشر والترحاب والتكبير والتهليل والفخر، بل يجب أن نتعامل مع كل ذلك بما يعود علينا بالنفع والفائدة في كل المجالات، وهذا لن يتحقق إلا إذا انطلقنا من منطلق البحث والنظر والتأمل في واقعنا، بهذه الحالة فقط سنعرف أين كنا؟ وأين أصبحنا؟ وسندرك أن لكل وضعية من الوضعيات التي قطعناها واجبات لا بد من أدائها، ومسؤوليات علينا القيام بها على أكمل وجه، فما بالك وقد أصبحنا اليوم محط أنظار العالم، أخيارهم وأشرارهم، ظالمين ومظلومين، وذلك بما اختصنا الله به من الفضل، وعظيم النعم، فنحن اليوم نسير بمعية قيادة ربانية، زادها الكتاب، ومنطلقها قائمٌ على أساس إيماني، وخطها الجهاد في سبيل الله، وهدفها إقامة العدل، وإماتة الظلم، وإعلاء كلمة الله في المعمورة برمتها، ولدينا قوات مسلحة تقاتل في سبيل الله والمستضعفين، فلسطين بوصلة وجهتها، والقدس مهوى فؤادها، لا تجد شيئاً أحب إليها من القتال المباشر، ووجهاً لوجه مع الأمريكان والصهاينة المعتدين، وها هي يوماً بعد يوم تراكم من منجزاتها، وتسير صوب هدفها بكل عزم وقوة وثبات ووعي وبصيرة، نصرةً لغزة والقدس وكل فلسطين، وجنباً إلى جنب مع مجاهدي كل المحور، وكذلك لدينا شعب معطاء، ذو كرامة، وصاحب دين وموقف ونخوة، يأبى الضيم، ويهب لنصرة دينه وأمته، وهذه العوامل جميعها تصنع نهضة، وتبني شعبا وأمة، إذا ما أحسنا الاستفادة منها، ووعينا كل مقتضيات الحفاظ عليها، وتعاملنا بصدق مع كل إيحاءاتها ودروسها، وقمنا بترجمة كل ذلك في مختلف ميادين العمل.
نعم إن وجود النهج والقائد والمجاهدين والمجتمع الواعي القابل للتربية والتثقيف والإعداد والبناء، إلى جانب وضوح الخط، وسلامة الوجهة، ومعرفة الغاية والهدف؛ أمورٌ لمسنا ونلمس آثارها المباركة في واقعنا، ولكن إذا أردنا أن يعم خيرها المجتمع كله، ولربما الأمة والعالم؛ علينا التخلص من الفساد والفاسدين المفسدين في كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها، وإزاحة مَن طال عليهم الأمد في ظل المنصب فقست قلوبهم، وانتفخت جيوبهم، واتسعت أرصدتهم، وكثرت عماراتهم وتجاراتهم وعقاراتهم، وخوت عقولهم، وخارت قواهم، وضعفت هممهم، وتغيرت وتبدلت همومهم واهتماماتهم، عنجهيين إذا ما نطقوا، متكبرين إذا مشوا، ظالمين إذا ما حكموا، متجبرين إذا تحكموا، كثيري الإساءة للقائد والنهج والشعب والمجاهدين، قاصرين ومقصرين في ما كان، فكيف بهم في الحاضر والمستقبل؟!
إن هؤلاء هم بالفعل مَن يعول عليهم الأمريكي والصهيوني وغيرهما من الكفار والمنافقين لضربنا من الداخل، وإعادتنا خطوات إلى الوراء، وليس المنافقين والعملاء والخونة من عفافيش وإخونج وانتقالي، فكل هؤلاء عبارة عن أدوات منتهية الصلاحية، وأحذية مهترئة غير قابلة للاستعمال مجدداً، إنما التعويل على مثل الذي يأتيه توجيه صريح من سيد الثورة حفظه الله، لتصحيح وضع فلان، وإنصافه، ورد اعتباره، لقاء ما قاساه من ظلم واضطهاد وعزل وتعدٍ وجور، فلا يلقي لذلك التوجيه بالاً، الأمر الذي جعل المظلوم يخجل من نفسه ومن سيد الثورة، لمجرد التفكير بطرق بابه مرة أخرى، وقد قال: كيف أقول؟ وماذا أكتب؟ أأقول للناس: إن القائد الذي أقام العالم على رجل واحدة، وقض مضجع قوى الاستكبار، وأذل أمريكا في البحرين العربي والأحمر؛ لا تلقى توجيهاته آذاناً مصغية من قبل بعض المسؤولين؟! من العار عليَ فعل ذلك.
ومثله ذلك الإعلامي الذي ترك كل ما جاء في بيان القوات المسلحة عصر الجمعة، واهتم بالكيفية التي جاء بها المتحدث الرسمي للقوات المسلحة إلى ميدان السبعين! وهو للأسف يعكس داء إعلامنا الرسمي العضال الذي يمجد الشخصيات ويقتل الأفكار.
* نقلا عن : لا ميديا