لم تكن ناقلة النفط البريطانية «مارلين لواندا» التي استُهدفت من قبل قوات صنعاء البحرية، هي الأولى، بل سبق أن تلقّت لندن أكثر من رسالة بحرية بعد تجاهلها تحذيرات حركة «أنصار الله» من خطورة الانجرار وراء واشنطن والتمادي في الاعتداء على اليمن. وكانت الحركة قد منحت بريطانيا فرصة للتراجع، بعد تعرّض إحدى أهم بوارج الأخيرة، والتي تعدّها أحد أعمدة قواتها الملكية، وهي «دايموند»، للهجوم، ما دفعها إلى طرق أبواب عدة للتواصل مع صنعاء، والتوقف عن المشاركة في العدوان على اليمن بعد مشاركتها في الجولة الأولى منه في 11 كانون الثاني. إلا أنها كابرت وقرّرت العودة إلى الانخراط فيه بناءً على طلب أميركي الأسبوع الماضي، فجاء الرد مؤلماً للندن التي حاولت خدمة «تل أبيب» بنقل شحنة وقود للطيران مساء الجمعة الماضي، فضُربت الشحنة بصواريخ صنعاء، بعد أن تجاهل طاقم «مارلين لوندا» النداءات والتحذيرات النارية، ولتظل الشحنة تشتعل لنحو 15 ساعة في خليج عدن، من دون أن تستطيع البوارج الأميركية، وما تبقّى من البريطانية، إنقاذها.وأكّدت مصادر عسكرية مطّلعة في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن عملية استهداف ناقلة النفط كانت معقّدة، كونها تحمل على متنها وقوداً لتزويد الطائرات، مشيرةً إلى أن السفينة حاولت التمويه وتغيير وجهتها، بعدما عمدت لندن إلى تسجيلها على أنها متجهة إلى اليونان، لكنّ وجهتها الحقيقية كانت إسرائيل، وكانت قوات صنعاء البحرية تعلم ذلك. وأفادت المصادر بأن السفينة عبرت بحماية عدد من القطع الحربية الأميركية والبريطانية، إلا أن الأخيرة تراجعت تحت ضربات القوات المسلحة اليمنية، ولم تجرؤ على التقدّم لإنقاذ الناقلة في أعقاب استهدافها واشتعال النيران فيها، كما لم تلبّ نداء الاستغاثة إلا بعد ساعات طويلة خشية تعرّضها لضربات جديدة.
وعلى إثر ذلك، دعت صنعاء، على لسان نائب مدير التوجيه المعنوي في قواتها، العميد عبدالله بن عامر، لندن، إلى الكشف بشجاعة عن مصير البارجة «دايموند». وقال ابن عامر، في منشور عبر «إكس»، إن «بريطانيا تخفي ما تعرّضت له البارجة عن الرأي العام البريطاني»، مؤكّداً أن «العملية العسكرية التي نفّذتها قوات صنعاء البحرية يوم الجمعة تزامنت مع ذكرى احتلال بريطانيا جنوب اليمن في عام 1839، بذريعة جنوح السفينة الهندية داريا دولت». ووفقاً لمراقبين، فإن إحراق سفينة بريطانية يأتي في إطار كسر الهيمنة الإنكليزية، ورداً على لغة الاستعلاء التي حملها بيان وزارة الدفاع البريطانية في العشرين من الشهر الفائت، والذي قلّل من شأن عمليات صنعاء، ودحضاً لتوقّع لندن أن يشكّل دخولها إلى جانب واشنطن، طوق نجاة للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
عملية استهداف ناقلة النفط «لوندا» كانت معقّدة، كونها تحمل وقوداً لتزويد الطائرات
وفي ظل استمرار تصاعد هجمات قوات صنعاء، أكّدت بريطانيا، أول من أمس، إصابة إحدى بوارجها في اليمن. ونقل موقع «ذا درايف» الأميركي المتخصّص في الشؤون العسكرية عن مسؤولين بريطانيين تأكيدهم إصابة المدمّرة البريطانية «إتش أم أس دايموند» التابعة للبحرية الملكية البريطانية، في وقت سابق هذا الشهر. وأفادت المصادر بأن «دايموند» المتخصّصة بالدفاع الجوي، واحدة من عدة بوارج أميركية وبريطانية تعرّضت للاستهداف من قبل «الحوثيين»، وأنه لم يُعلن عن تلك الاستهدافات رسمياً لتلافي التصعيد في المنطقة. وكانت تقارير إعلامية أفادت بأن المدمّرة البريطانية تمّ استهدافها خلال الاشتباكات التي شهدتها منطقتا البحر الأحمر وخليج عدن نهاية الأسبوع الماضي.
و«دايموند» تُعد خامس سفينة حربية بريطانية يتم الحديث عن تضرّرها في الخليج، منذ انخراط بريطانيا في العدوان، فيما أعلنت البحرية الأميركية سحب بارجتين بذريعة «نقص الطاقم»، وأخريين بذريعة التصادم، مع أن التقارير تتحدّث عن استهدافها من قبل قوات صنعاء. وأكّدت مصادر عسكرية مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن «العمليات السابقة ضد السفن البريطانية تُعدّ مقدّمات لعمليات إذلال ستلحق بالبحرية البريطانية التي تعاملت مع الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بأسلوب متغطرس». وأشارت إلى أن «عمليات صنعاء ستأخذ منحى تصاعدياً خلال الأيام القادمة»، كردّ فعل مشروع على اعتداءات أميركا وبريطانيا على السيادة اليمنية واستماتتهما من أجل الدفاع عن إسرائيل في البحر الأحمر.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، أمس، أن بحريتها أحبطت هجوماً في البحر الأحمر كان يستهدف«دايموند»، قائلة إن المدمّرة «أسقطت مرة جديدة مُسيّرة هجومية للحوثيين كانت تستهدف السفينة بصورة غير مشروعة»، مشيرة إلى عدم وقوع أي إصابات أو أضرار في المدمّرة. ورداً على الهجوم على السفينة النفطية «لوندا»، شنّت القوّات الأميركيّة، فجر أول من أمس، ضربات استهدفت «صاروخاً حوثيّاً» مضادّاً للسفن كان على وشك الانطلاق في البحر الأحمر، كما قالت.
وفي تطور متّصل، قال المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة، عاموس هوكشتين، أمس، إن تكلفة تحويل مسار السفن لتجنب هجمات محتملة في البحر الأحمر، هي لوجستية أكثر منها تضخمية، وإن ارتفاع الأسعار محدود.
* نقلا عن :الأخبار اللبنانية